هذا التساؤل ليس دفاعًا عن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وإن كنت أميل لوجوده وحسمه وحزمه، حتى لا يتحول الذوق العام فى مصر إلى هوجة من العرى والإسفاف والمفردات القبيحة التى تطاردنا فى السينما والتليفزيون، وإذا قال لهم أحد لا يصح أو لا يجوز، يخرجون على الملأ يتشدقون ويقولون هذا إبداع وهو ليس من الإبداع فى شىء.
أعرف القاعدة التى تقول "رضا الناس غاية لا تدرك" ومؤمن بها، وأتذكرها كلما كانت هناك مشكلة تتعلق بجهاز الرقابة ومصنف فنى يحمل خدش للحياء، أو عنف ممنهج، أو ما يخالف القيم المعروفة فى المجتمع العربى.. وأسمع الجانب الرافض لوجود الرقابة يقول: "نحن فى عصر الانفتاح ولا بد من كشف مساوئنا وعيوبنا المجتمعية وإلى متى سندفن رؤوسنا فى الرمال، وما تفعله الرقابة ضد الإبداع والمبدعين فى الأرض ويجب حله".. وأستمع أيضا الموافق على الإجراءات الرقابية يقول: "لا بد من وجودها حتى تنقذنا من الهلس والبلطجة والعرى ويجب وأد هذه الأعمال وعدم السماح بوجودها أصلا".
كل هذا الخلاف القائم يدفعنا للسؤال: "احنا عايزين إيه من الرقابة"؟.. بالنسبة لى أريد قتل كل المفردات القبيحة والمشاهد المخلة حتى إن كانت تحدث بالفعل فى المجتمع ونتغاضى عنها حتى لا يكررها مدمنو السينما والتليفزيون.. لكن رأيى ليس مهما.. الأهم وقفة حقيقية من قبل الحكومة تجاه ما يحدث من أزمات ومشاحنات بسبب هذا الجهاز.. وهذا يفرض سؤالا أيضا لماذا لا تضع الحكومة فى خطتها هيكلة الرقابة على المصنفات الفنية؟.. خصوصا أن هناك دعما من رئيس الوزراء شريف إسماعيل للصناعة بعد رفع الدعم لـ50 مليونا بدلا من 20.. لماذا لا يأخذ العاملون بالجهاز دورات تدريبية توسيعا لمداركهم وحتى تكون هناك نهضة حقيقية فى الوعى واتخاذ القرار، وحتى لا يتلسن أحدا عليهم ويقول: "جهاز الرقابة يحتاج إلى وجود مبدعين ضمن العاملين بها حتى يتم تقييم العمل الفنى بشكل حقيقى وموضوعى".
وجود جهاز الرقابة مهم، وأهميته تتمثل فى ترشيد الإنتاج الردىء وليس من أجل التعسف ضد أى عمل فنى جاد، ولا ننكر أن بعض السينمائيين يستخدمون ألفاظا لا تليق بالجمهور يجب حذفها أو الحد منها، ويطلقون عليها إبداعا أو يقولون "هذا واقع مجتمعى"، لذلك لا بد أن يتخذ حلمى النمنم وزير الثقافة قرار بإعادة هيكلة الجهاز فورا.