تجرى نقابة السينمائيين كل عام حصرا شاملا بكل الأفلام التى انتجتها السينما المصرية فى نفس السنة، وتشكل لجنة من الخبراء والمبدعين السينمائين، وترشح أفضل فيلم فيها ليمثل مصر فى فئة "أفضل فيلم أجنبى" بجوائز الأوسكار الشهيرة.. ومؤخرا أعلنت النقابة عن ترشيح فيلم "اشتباك" بطولة نيللى كريم للمشاركة فى هذه المسابقة بعد أن تم عرضه فى افتتاح مسابقة "فى نظرة ما" بالدورة الـ 69 من مهرجان كان السينمائى الدولى، ولكن هل سيكون مصيره مثل الأفلام المصرية التى رشحتها النقابة سابقا مثل "فتاة المصنع" و"بتوقيت القاهرة"؟، حيث رشحت النقابة العام الماضى فيلم "بتوقيت القاهرة" بطولة نور الشريف ولكن القائمة النهائية التى أعلنتها أكاديمية العلوم والفنون التى تمنح الأوسكار كانت خالية من أى فيلم مصرى وتضمنت فيلم عربى واحد هو "ذيب"، وسبق وتم ترشيح أيضا فيلم "فتاة المصنع" بطولة ياسمين رئيس للمنافسة على الأوسكار 2015، وقبلها رُشح فيلم "الشتا اللى فات" لجوائز الأوسكار 2014، ورُشح فيلم "رسائل البحر" لجوائز الأوسكار 2010، ولكن دائما ما تكتفى الأفلام المصرية بالترشيح فقط، ولم نسمع يوما عن فيلم مصرى تأهل فعليا لمسابقة الأوسكار، أو وصل للتصفيات الخمس النهائية التى تتنافس على الجائزة.
الناقدة ماجدة موريس، قالت إن الظروف الإنتاجية الصعبة التى تمر بها السينما المصرية هى السبب الأول في عدم وصول الأفلام للمسابقة بعد ترشيحها، كما أن الأفلام المصرية شاركت ونافست في الأوسكار ولكن لم تستطع الصمود في المنافسة لأن المنافسة مفتوحة وواسعة، وليس بها معايير محددة، ولا نستطيع تقييم كم قوة الأفلام المنافسة، فمنذ عشرين عاما والإنتاج متواضع والأفلام الجيدة التى نراها كمصريين قليلة جدا، فكيف نتوقع أن يخرج من هذه الأفلام فيلم جيد ينافس على الأوسكار بالمقارنة بالفيلم الأمريكى مثلا، حتى فى السوق المحلى فإن المنافسة بين الأفلام المصرية قليلة جدلا لأن المنتجين الذين يعملون عددهم قليل وينافسون أنفسهم، ولذلك فهى منافسة غير حقيقية.
وأضافت ماجدة موريس أن الأفلام التى ترشحها مصر للمنافسة في مسابقة الأوسكار هى الأفضل وفقا لظروفنا الإنتاجية وليست الأفضل على المستوى الفنى، ولذلك يجب أن يزيد الإنتاج المصري من الأفلام وأن يعود المنتجون جميعا إلى الإنتاج وأن تدعم الحكومة الإنتاج السينمائى بصورة أوسع وأكبر، لافتة إلى أنه لا يجوز أن تركز السينما المصرية طاقتها في إخراج أفلام حتى تشارك فى المهرجانات والمسابقات الدولية ولكن على السينما أن تعبر عن هموم الناس ومشاكلها بطريقة مبدعة فنيا، وهنا سنجد أفلاما قد تنافس فعلا في الجوائز العالمية.
وأوضحت ماجدة أن الفقر الفكرى لكتاب السيناريو والأفكار المكررة والمستنسخة والتجارية ليست الأزمة لأن هناك كتاب السيناريو موهوبون فعلا ولكنهم لا يجدون فرصا إنتاجية حقيقية، والدليل على ذلك الأعمال الفائزة بجوائز ساويرس للأدب والتى يقرها كبار الكتاب، فهى موضوعة فى الأدراج، فكم رواية منهم تحولت إلى فيلم؟!!.. وكنت أتمنى من هذه المؤسسة عندما تمنح جائزة سيناريو أن تمنح أيضا دعما لإنتاج الفيلم، لأن هناك أزمة حقيقية في القناعة بأهمية فن السينما، مشددة على أن أزمة السينما ستظل موجودة إلى أن يتم حل أزمتى القناعة بأهمية الفيلم والظروف الإنتاجية الصعبة وسوف تظل المواهب تحترق قبل أن تتحقق أحلامها.
وقال الناقد كمال رمزى إن أزمة الفيلم المصرى تتمثل فى مستوى الإبداع به، والمتابع للأفلام التى تحصل على جوائز الأوسكار يجد أن بها مستوى فنيا معينا سواء فى القضية التى تعالجها أو فى العناصر الفنية بها ابتداء من كتابة السيناريو وحتى شكل أفيش الفيلم كلها بها درجة من الإبداع التى نحاول جاهدين أن نصل إليه، مضيفا أن عدم قدرة الفيلم المصري على المنافسة فى الأوسكار يعنى أن الإبداع المصرى يحتاج لمزيد من الجهد والتعب والمشاهدة والمقارنة بينه وبين الأفلام الأخرى، وأن تكون آفاق الفيلم واسعة وتشبه الآفاق العالمية كما أن فكرة الفيلم يجب أن تمس كل البشر وأن يكون بها نضح خاصة فى موقف الفيلم من العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة.
وأضاف الناقد أن معايير اختيار أفلام الأوسكار ليست محددة أو ثابتة ولكنها فى الغالب تكون أفلاما بها عمق فكرى وطاقة إنسانية كبيرة ،وأحيانا الأفلام الاستعراضية والمرصود لها ملايين الملايين لا تنجح فى الحصول على الجائزة، ولذلك فإن الإبداع ليس له معايير وليس مطابقا لـ"باترون" معين، مؤكدا أن الحل للأزمة هو زيادة إنتاج الأفلام والحرص على أن يكون هناك 10 أفلام متميزة فى العام وأن يكون هناك 3 أو 4 أفلام فوق الامتياز نختار منها واحدا يترشح للأوسكار.