ينشر انفراد رد الشاعر رمزى بشارة على نقد فيلم "49 شهيد"، جاء كما يلى:"فى البداية أحب أن أوجه التحية لصحيفتكم يكفى اهتمامها بتحليل الفيلم فنياً وهذا أمر يستحق الإشادة والتقدير فالنقد الفنى عنصر مهم من عناصر الإبداع، فلولا قلم الناقد لما تطور قلم المؤلف ولولا عين الناقد لما تطورت عدسة المصور، ولولا وجهة نظر الناقد لما تطورت رؤية المخرج، وهكذا فى باقى عناصر أى عمل فنى.
لقد قرأت ما نُشر فى صحيفتكم تحت عنوان " 5 أخطاء فى فيلم " 49 شهيد " لهانى رمزى، أبرزها السيناريو والجرافيك " وكان لى هذه الملحوظات، والتى سأدوِّنها بنفس الطريقة التى وردت فى انفراد , والآن دعونى أُعَدِّد الأخطاء التى وقع بها كاتب المقال "من وجهة نظرى":
-1 أن يُنسَب الفيلم للنجم هاني رمزى فقط.. فالفيلم من نوعية أفلام البطولة الجماعية وبالرغم من شهرة وجماهيرية النجم هاني رمزي إلا أنه قرر أن يشارك في هذا الفيلم وهو يعلم أنه ليس البطل الوحيد، وذلك إن دل فيدل على أنه بالفعل "كبير" فهذه هى أخلاق الكبار، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن مشاركته في الفيلم كانت إضافة كبيرة إلا أن أحداً لا يستطيع أن ينكر أيضاً أن لطفي لبيب وسمير فهمي وعلى عبد الرحيم وعاصم سامي ومنير مكرم وأيمن أمير وإيهاب صبحي وتاتيانا ومنة جلال وحتى ماجد الكدواني الذي ظهر بصوته فقط كل هؤلاء وآخرين كان لهم دورٌ بارز في الفيلم , فأن يُنسَب الفيلم لبطلٍ واحد هو ظلم لباقي أبطال الفيلم. اعتبار الله مُلزَم بإستجابة صلوات الملوك -2 فيقول كاتب المقال :لم يعط المخرج أى مبررات عندما رفض الله أن يرزق هانى رمزى "الامبراطور ثأدوسيس" بطفل خصوصاً مع الرسائل التى أرسلها له شيوخ قرية شهيت وجعل المتفرج يتخيل أو يستنتج "لماذا رفض الله أن يرزقه بطفل رغم صلواته وإيمانه به؟"، لاسيما أن فكرة الفيلم تقوم على السماحة والتقرب إلى الله من خلال الآباء الكهنة والشيوخ الرهبان، أولاً: وهل الله يُسأل عما يفعل أو لا يفعل ! وهل الله يُراجَع ! وهل لدى الله واسطة ومحسوبية ومحاباة ! فإن صلى الصعلوك سد أذنه وإن صلى الملوك استجاب ! ياصديقي عدم استجابة الله لأمنية الملك رغم تشفعه بصلوات الكهنة والشيوخ أمر لا يحتاج لأية تبريرات فإن كان من يصلي ملكاً فمن يسمع الصلوات هو ملك الملوك. ثانياً: ورغم ذلك فإن المبرر ورد ذكره على لسان الأب إيسيذوروس" الفنان لطفي لبيب حين قال لو تزوج بعشر نساء فلن ينجب حتى لا يشترك ابنه من بعده مع أرباب البدع، ثالثاً: هل كل من يصلي لله ويؤمن به لابد وأن يُرزَق بطفل! كم من أُناسٍ صالحين يصلون لله ويؤمنون به ولم يرزقهم الله بنسل ! إن الله " يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ" القرآن الكريم"، و(البنون ميراث من الرب ثمرة البطن هى عطية منه " ) الكتاب المقدس
رابعاً : ذكر كاتب المقال أن فكرة الفيلم قائمة على "السماحة والتقرب إلى الله من خلال الآباء الكهنة والشيوخ الرهبان " وهذا الكلام خالي تمام من الصحة ففكرة الفيلم قائمة على توضيح أن الكنيسة القبطية هى كنيسة الشهداء وأن أجدادنا فضلوا الموت على أن ينكروا إيمانهم بالسيد المسيح، وخسروا كل الأشياء وهم يعتبرونها نفاية لكي ما يربحوا المسيح يسوع وكانوا يواجهون الموت بمنتهى القوة والشجاعة.
-3 عدم معرفة كاتب المقال باللغة التى كان يتحدث بها أبطال الفيلم الحقيقيين فى تلك الحقبة الزمنية
إعترض كاتب المقال على بعض الجمل الحوارية التي وردت على لسان أبطال الفيلم زاعماً أنها لغة لا تتناسب مع الحقبة الزمنية للفيلم فقال : " وعلى سبيل المثال عندما كانت تتحاور الفنانة منة جلال مع شقيقها الإمبراطور ثأدوسيس الذى يجسده الفنان هانى رمزى وقالت له :"لازم تتجوز مرة تانية عشان تخلف" مش هتخلف غير لما تتجوز تانى" فرد عليها قائلا :"هاتى من الآخر عايزة ايه من الكلام اللى بتقوليه دا" وهو خطأ كارثى عندما سمح مخرج العمل بتفوه البطل بهذه الكلمة, خصوصاً أن الأحداث عام 444 م " وللتوضيح نقول : أولاً : ومن قال لك ياعزيزي أن شيوخ برية شيهيت كانوا يتحدثون اللغة العربية في عام ٩٩٩ م ! أو من قال لك أن الإمبراطور ثيؤدوسيوس كان يتحدث اللغة العربية حين تفوَّه بهذه الكلمات حتى تطالبه بأن تكون لغته العربية مناسبة لعصره ! لقد دخلت اللغة العربية إلى مصر مع الفتح الإسلامي لمصر في عام 1٩1 للميلاد 02 هجرية وقبل هذا الوقت كانت مصر قبطية تتحدث اللغة المصرية , والتي كانت تُكتَب بحروف هيروغليفية ثم كُتِبَت بحروف هيراطيقية ثم كُتِبَت بحروف ديمقراطية ثم كُتِبَت بحروف يونانية وحينئذٍ سُمِّيَت باللغة "القبطية" أما عن الإمبراطور ثيؤدوسيوس فلم يكن هو الآخر يتحدث العربية ولكنه كان يتحدث باللغة اليونانية التي كان يتحدث بها بعض المثقفين المصريين ومما سبق نجد أن اللغة التي قُدِّم بها الفيلم لم تكن أصلاً هى اللغة التي يتحدث بها أهل هذه الحقبة الزمنية لا الإمبراطور ولا رهبان البرية فكيف تريدهم أن يتحدثوا بمفردات معينة دون غيرها وهذه المفردات وغيرها لم يكن لها وجود أصلاً في منطقتهم ولا على ألسنتهم!
ثانياً: المصريين أخذوا كلمات ومصطلحات كثيرة جداً من اللغة المصرية " القبطية" مثل : "هيلا بيلا " والتي تعني هيا للعمل و " فاشوش " والتي تستعمل بنفس معناها حتى الآن مثل الموضوع طلع فاشوش و " عافر " والتي تستعمل بنفس معناها مثل عافر علشان توصل و " سُك " والتي تستعمل بنفس معناها مثل سُك الباب و "وهلفوت وهجاص و وإمبو وحنطور" كلمات كثيرة جداً من لغتنا المصرية التي كان يتحدثها أجدادنا مازالت تجري على ألسنتنا حتى الآن دون أن نعرف أصولها . لذلك فلا تستغرب من إستخدام السيناريست ماهر زكي لكلمات عامية هى أصلاً قبطية واعتقدت أنت أنها غريبة على أهل هذه الحقبة الزمنية . إعتبار المخرج هو أحد الأخطاء، استغربت من قيام كاتب المقال بوصف مخرج الفيلم بأنه هو نفسه مجرَّد " خطأ " من ضمن عدة أخطاء وقع بها الفيلم , وفي الحقيقة أنا أجده أحد أبطال الفيلم , تخيلوا قصة هذا الفيلم التي كُتِبَت في عدة سطورٍ قليلة تتحوَّل إلى فيلم يقترب من الساعتان، لقد كان جوزيف نبيل في تحدي وقد استطاع أن يفوز في هذا التحدي لقد استعاض عن غياب القصة ذات الحبكة الدرامية بصورة " مبهرة " وقد استعان بمبدعين ساعدوه في أن يخلق تلك الصورة فَتوفيق وائل يوسف في اختيار زوايا جيدة للتصوير وتوزيع مميز للإضاءة وبراعة إيفان أديب في عمل ديكوات الفيلم وتصميم ملابس الممثلين كان لهم دوراً مهماً في أن يجتاز مخرج الفيلم ذلك التحدي كما لم يكتفي جوزيف بصناعة صورة مبهرة فقرر أن ينتقل الإبهار أيضاً إلى تراك الصوت ولن أتحدث هنا عن عناصر هذا التراك من موسيقى وألحان وغناء وناريشن حتى لا أتحدث عن نفسي نظراً لقيامي بالمشاركة في صنع هذا التراك بكتابتي لأشعار الفيلم وللتعليق الصوتي للفيلم وللتريلر وسأترك هذا الأمر لتقييم المشاهدين فقط لابد أن أشير لشخصان على وجه التحديد كان لهما بصمة لن يستطيع أحد أن يمحوها في صناعة هذا التراك هما القس موسى رشدي الذي وكأنه أوجد دائرة مغناطيسية جذب بها مشاعر المشاهدين حين قام بغناء ترانيم الفيلم والنجم ماجد الكدواني الذي جعل الفيلم ينجح جماهرياً قبل حتى أن يُشاهَد حين قام بإلقاء التعليق الصوتي لتريلر الفيلم، شيء مؤسف جداً أن مخرج فيلمَي " الراهب الصامت ونسر البرية " وهما فيلمان من أهم أفلام الكنيسة القبطية حتى وقت كتابة هذا المقال , تصفه صحيفتكم بأنه مجرد خطأ!.. وإغفال بعض الأمور التي تستحق النقد فعلا وهذا هو الخطأ الخامس الذي وقع فيه كاتب المقال حين تناول فيلم 4٤ شهيد بالنقد فقد كنت أتمنى أن يطلَّع الناقد على القصة الأصلية كما كتبها الأنبا دانيال قمص برية شيهيت وأن يلجأ لعدة مصادر أخرى تحدثت عن نفس القصة وأن يشاهد الفيلم جيد وكان سيجد أموراً هامة كانت ستكون جديرة بالنقد".