في مثل هذا اليوم 7 أكتوبر من عام 1929، استقبل سيرك عاكف والذي كان وقتها في طنطا طفلتهم الجديدة نعيمة، ومنذ نعومة أظافرها كان والدها يرغب في تعليمها ألعاب السيرك، وخصوصا الأكروبات، ولكنها كانت طفلة عنيدة، فرفضت في البداية أن تتعلم حتى تحايل والدها على الأمر، وبدأ بتعليم شقيقتها الكبرى أمامها، وداوم على تشجيعها، وهو ما أثار الغيرة في قلب نعيمة الطفلة، وفي فترة قصيرة تعلمت مبادئ الأكروبات، وتفوقت على شقيقتها، بل أن الجمهور أعجب جدا بما تقدمه.
وفي سن السادسة، كان الصدام الأول بينها وبين والدها، عندما طالبته بأن يدفع لها راتبا يوميا مثل باقي أفراد السيرك، ولكن رده جاء عبارة عن "علقة" قررت من بعدها نعيمة أن تترك السيرك، وتفر هاربة، وكادت أن تنجح لولا أن رآها بعض الفلاحين الذين كانوا من جمهور السيرك، فأعادوها إلى والدها الذي قرر تخصيص قرشين لها يوميا في أوقات العمل، وقرش يوميا في أوقات الإجازات.
لقبت نعيمة عاكف بـ"الطفلة المعجزة" في عائلة عاكف، وفي إحدى المرات وهي في سن الرابعة عشر قدمت إليها سيدة تحمل في يدها علبة، وكانت هدية من أحد الأعيان الذي رآها وأعجب بها، وكانت العلبة بها دمية ترقص 6 رقصات مختلفة، ومن هنا تعلمت نعيمة الرقص، فكانت تقف أمام دميتها لتقلدها، وفي يوم دخل والدها عليها ورآها ترقص أمام الدمية فقام بكسرها.
وفى كازينو "بديعة ماصبنى" أبدعت نعيمة عاكف، في تقديم رقصة "الكلاكيت" لأول مرة، التي عكفت على تعلمها بنفسها بعد أن فشلت في الذهاب لمدرب الرقص، الذي بالغ في الأجر حتى أبهرت الجمهور في الصالة، وكان عملها في فرقتى "على الكسار" و"بديعة مصابنى" هو المحطة التي أهلتها لاقتحام عالم السينما، حيث التقطها المخرج أحمد كامل مرسي، من ملهى "الكيت كات" وقدمها لأول مرة كراقصة في فيلم "ست البيت" ومنه اختارها المخرج حسين فوزي لتشارك في بطولة فيلمه "العيش والملح"، وبعده تعاقد معها على احتكار وجودها في الأفلام التي يخرجها لحساب نحاس فيلم، وقامت بأول بطولة سينمائية لها في "لهاليبو".
تزوجت نعيمة عاكف من المخرج حسين فوزى رغم فارق السن الكبير ونقلها من شارع محمد على إلى فيلا بمصر الجديدة، وتوالت أفلامها، ولمع نجمها في السينما من خلال أفلام "بلدى وخفة"، و"بابا عريس"، و"فتاة السيرك"، و"جنة ونار"، و"تمرحنة"، و"ياحلاوة الحب".
وبعد عشرة أعوام من الزواج انفصلت عن زوجها في هدوء شديد بعد أن أخرج لها 15 فيلما، آخرها فيلم "أحبك ياحسن"، ثم تزوجت من المحاسب صلاح الدين عبدالعليم، وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد صلاح الدين عبدالعليم.
استطاعت نعيمة عاكف التغلب على كل العقبات التي واجهتها بالمضى قدما خلال مشوارها الفنى، لتصبح من أشهر نجمات الاستعراض الغنائى في السينما المصرية، وشاركت في نحو 25 عملا سينمائيا، ومن أبرز أفلامها: جنة ونار، بابا عريس، فرجت، فتاة السيرك، يا حلاوة الحب، النمر، مليون جنيه، أربع بنات وضابط، نور عيوني، بحر الغرام، مدرسة البنات، عزيزة، تمر حنة، خلخال حبيبي، الزوج المتشرد، أمير الدهاء حتى تغمدها الموت عن عمر يناهز الـ 37عاما، بعد إصابتها بمرض سرطان الرحم، الذي عانت منه لمدة 3 سنوات، ولزمت الفراش لمدة 6 أشهر قبل وفاتها، وكانت آخر كلماتها هي اسم نجلها الوحيد "محمد".
وأصيبت نعيمة عاكف في أواخر أيامها بنزيف في المعدة نُقلت على إثره للمستشفى، وظلت بها لمدة شهر حتى تحسنت حالتها وعادت إلى منزلها، ثم ساءت حالتها مرة أخرى، وتقرر علاجها في الخارج على نفقة الدولة، ولكن حالتها ازدادت سوء، فتعذر نقلها لتفارق دنيانا في 23 إبريل من سنة 1966، بعدما تركت للسينما المصرية 25 فيلما ولقب "أفضل راقصة في العالم"، والذي حصلت عليه من مهرجان الشباب العالمي، والذي أقيم بموسكو في سنة 1957.