ما من مرة أقف فيها أمام نجم عالمى له شأن فى السينما الهوليودية أو البوليودية وأتمكن من محاورته، إلا ويكون هناك 3 أسئلة عالقة فى ذهنى، مفادها، هل تتابع السينما المصرية، ومن الذى تعرفه منها؟، وما الفيلم الذى شاهدته لها؟، إلا ويكون الرد واحدا، ويكون نصًا "أعرف عمر الشريف، والمخرج يوسف شاهين"، وتابعت بعض أفلامه منها "المصير" و"اليوم السادس" و"حدوتة مصرية" وتختلف أسماء أفلامه من شخص لآخر.
هذا الأمر تكرر كثيرًا مع عدد من صناع السينما العالمية، خلال لقائى ببعضهم فى المهرجان الدولى للفيلم بمراكش على مدار الدورتين الأخيريتين، منهم الممثلة العالمية أولغا كوريلينكو بطلة فيلم جيمس بوند، والمخرج والسيناريست والمنتج الأمريكى فرانسيس فورد كوبولا والمنتج المغربى العالمى زكريا العلوى منتج سلسلة أفلام "جيمس بوند"، والمخرج وكاتب السيناريو الفرنسى جان بييرجونى والمذيع الفرنسى والباحث السينمائى لوران ويل والممثلة الهندية ريشا شادا، وكذلك الممثلة العاليمة كلوديا كاردينالى، والتى أشادت به، عندما تواجدت فى مصر مؤخرًا خلال تكريمها بمهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الأخيرة.
ربما كان المخرج العالمى الراحل يوسف شاهين، لا يقدم أفلامًا تجارية تجذب إيرادات الجمهور، ونسبة ليست قليلة من الجمهور المصرى تعلق أحيانًا: "لا نفهم أفلامه"، ولكنه كان حريصًا على تقديم فكر سينمائى مختلف، يُخلد له، ويحكى سيرته السينمائية بعد رحيله، وهو ماحدث بالفعل، بل ويعبر عنه وعن أفكاره، وأفكار كثيرون تداركوا أهمية أفلامه عندما تحدث عنه الغرب، فلم يكن شاهين مجرد مخرج عادي يحمل اتجاها سينمائيا واحدا، بل كان موسوعة سينمائية منفتحة على كل فنون السينما، فرغم تقديمه لأفلام مأساوية مثل "باب الحديد"، تناولت فكرة المعاق ذهنيًا الذى يعشق، وفيلمًا تاريخيًا حربيًا مثل "الناصر صلاح الدين"، والذى يعد أهم ما قدمت السينما المصرية فيما يخص هذه النوعية من الأعمال، إلا أنه كان حريصًا على استخدام الموسيقى والغناء فى كثير من أفلامه، بدءًا من فيلمه "أنت حبيبى"، للعملاقين فريد الأطرش وشادية، مرورًا بماجدة الرومى والتى قدمها فى فيلمه "عودة الابن الضال" ولطيفة فى "سكوت هنصور"، والكينج محمد منير، والذى قدم بعضًا من أهم أغانيه فى أفلام شاهين منها "حدوتة مصرية" و"اليوم السادس"، "والمصير".
كان شاهين أيضًا قادرًا على توظيف الممثل وصناعته كنجم بشكل حقيقى، فهو من قدم الراحل محمود المليجى بفيلم "الأرض" فى دور "محمد أبو سويلم"، الفلاح البسيط، رغم انغماسه فى أدوار الشر طيلة حياته الفنية، واقتصار رؤية باقى المخرجين له على أدوار القتل والشر، شاهين الذى اكتشف وقدم بعضًا من أهم نجوم السينما المصرية على مراحل زمنية مختلفة، لم يكن مجرد مخرج يقف أمام "المينتور"، ويشاهد أداء الممثلين ليعطى تعليماته ثم يصرخ ويهب فى وجه من لا يعجبه أدائه، بل كان بسيطًا فى كل شىء، يعطى التعليمات بسهولة ويسر بل ويمثل المشهد أمام الممثل حتى يرسل له إحساسه به، كى يساعده على تقمص الحالة، ولذلك لن تجد أحدًا يستكمل مسيرته، خاصة من جيل المخرجين الذين ظهروا فى الـسنوات الأخيرة الماضية، فهناك أحد المخرجين لا يتجاوز تاريخه 3 أفلام و3 مسلسلات، نصفهم لم يحقق أى نجاحات، والباقى "لا بأس به"، "سب الدين" لفريق إنتاج مسلسل رمضانى 2016، لمجرد أنهم تأخروا فى إحضار بعض مجموعات الكومبارس، وأوقف التصوير ساعات طويلة عقابًا لهم.