نقلا عن العدد اليومى...
كرمت «انفراد» الفنان القدير سمير صبرى، ومنحته درع الجريدة من رئيس التحرير، لعطائه الفنى ومسيرته الزاخرة بالنجاحات الكثيرة، فسمير صبرى ليس فنانًا عاديًا، لكنه فنان شامل، وجزء من تاريخ وذاكرة السينما المصرية، وشاهد على عصر من عصورها الذهبية، ولذلك كانت الندوة التى أعقبت تكريمه ثرية بالقصص والحكايات، فهو بكل تأكيد مخزن من الأسرار، ولديه قدرة كبيرة على الحكى.
فى الندوة تحدث الفنان الكبير عن عبدالحليم حافظ، وسعاد حسنى، وشادية، وعن رأيه فيما وصل إليه الفن والإعلام.. وفى بداية الندوة قال «صبرى» عن الكاتب الكبير محمود عوض: كان أصدق الصحفيين المقربين من الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، وبدون ذكر أسماء، فالكثيرون منهم تاجروا بعبدالحليم، واستفادوا منه، إلا محمود عوض، وفى الفترة الأخيرة كان الأقرب إليه بعدما أدرك عبدالحليم إخلاص هذا الرجل الذى رفض أن يكون مستفيدًا فوريًا، ولذلك أحبه العندليب جدًا لنزاهته وزهده، رغم أن هناك 3 صحفيين آخرين كانوا منافقين جدًا ويذهبون لفريد الأطرش يمدحونه ويكيلون نفس المديح لعبدالحليم، وأنا كنت أتابع نفاقهم.
وأضاف «صبرى»: أنا سعيد جدًا بوجودى فى «انفراد»، ولا أجامل إذا قلت إننى كل يوم أحرص على شرائها وقراءتها، وأحب أن أنام وأنا قد اطلعت على الأخبار المحلية والعالمية بموضوعية شديدة جدًا، والصفحة الفنية من أكثر صفحات الفن احترافية، ومقسمة، وتعرف من خلالها ما يدور بالوسط الفنى، وفيها أخبار كثيرة.
نبتدى منين الحكاية.. نبدؤها من عند الفنان الراحل عبدالحليم حافظ وعلاقته بك؟
- بحكم الجيرة مع الراحل عبدالحليم حافظ فقد رأيت مصر كلها فى هذا التوقيت عند عبدالحليم حافظ، رأيت الفنانين والملحنين والمخرجين وصفوة المجتمع من الأمراء والملوك والوزراء، كانوا جميعًا يتجمعون فى بيت عبدالحليم حافظ، والأستاذ جلال معوض كان له الفضل فى كونه منحنى ثقة الوقوف على المسرح ورشحنى لتقديم حفلات أضواء المدينة، وهى كانت حلم أى مطرب، لأن ظهوره بها معناه انتشاره فى مصر كلها، خاصة للنجوم العرب.
إلى أى مدى كان عبدالحليم حافظ شخصًا ذكيًا يعرف كيف يدير موهبته؟
- عبدالحليم كان غيورًا على فنه ويعشق عمله، وأنا تعلمت منه ما تعلمه من الموسيقار عبدالوهاب، وكان دائمًا يقول: «حب فنك.. فنك يحبك»، و«إدى فنك كل حاجة ففنك يعطيك كل حاجة»، وعبدالوهاب قال لى: «خلى لفنك 90% ولوقت حياتك الباقى»، فعبدالحليم كان إنسانًا ذكيًا، وذكاؤه الفنى هو ما جعله على القمة، ولكنه لم يقف مطلقًا فى طريق أى مطرب، ولم يحارب أحدًا، وأتذكر مرة أننى كنت أسجل حلقة من برنامج «النادى الدولى» مع الفنان محمد حمام حول نجاح أغنيته «يا بيوت السويس يا بيوتنا»، وكان «حمام» وقتها يقول إن عبدالحليم يحاربه، وفى أثناء تسجيلى معه الكهرباء انقطعت فطلبت «عبدالحليم» تليفونيًا وقلت له ممكن أعمل مكالمة تليفونية لترد على كلام محمد حمام، فقال لى مكالمة تليفونية لماذا؟، أنا سوف أحضر، وبالفعل تركت باب الاستديو ووضعت كرسيًا ثالثًا، وخلال حديث «حمام» واتهامه لعبدالحليم بأنه يقف فى طريقه بعلاقاته، دخل عبدالحليم ووقف خلف محمد حمام وقال له: «أنا، وفين علاقاتى دى»، وقال له أيضًا: «دا أنا حتى باغنى أغنيتك»، وبدا بالفعل فى غنائها قائلاً: «يا بيوت السويس يا بيوتنا»، فعبدالحليم بذكائه وبلغة السوق «أكله» وقال له: «أنا لى علاقات ولكنك هكذا تهين رؤساء الإذاعة والتليفزيون».
عبدالحليم كان حريصًا على شغله، ويعشق عمله، ويحارب من أجله، لكنه لا يؤذى أحدًا، وإذا كان يحارب فإنه يحارب بذكائه وشغله.
ما شهادتك حول علاقة سعاد حسنى وعبدالحليم حافظ؟
- أنا ما أعرفه أن عبدالحليم كان يحب سعاد حسنى، وكان غيورًا عليها جدًا، وأتذكر أن سعاد كانت تحب لعب الكوتشينة، وكان عبدالحليم يأخذ شلته ويتوجه لبعض الأماكن التى يعرف أنها تتردد عليها للعب الكوتشينة، ويرى هل سيارتها موجودة وهذا ليس شكًا، لكنه غيرة عليها، فقد كانت بينهما قصة حب، لكنها لم تصل للزواج.
هل نفذت نصيحة عبدالوهاب بأن تعطى فنك 90% من حياتك؟
- أنا نشأت فى مجتمع سكندرى محافظ عن المجتمع القاهرى، وجدى كان محافظًا جدًا، يكاد يكون مثل «السيد أحمد عبدالجواد»، ولديه طقوس تتشابه معه، وتعلمنا منه الكثير من الأصول، وأنا تعلمت من جدى القناعة والتصالح مع النفس، لأننى نشأت «شبعان»، وبيتنا منذ أن كنت صغيرًا كان ثقافيًا، فقرأت يوسف السباعى، ويوسف إدريس وأنا طفل، وكانت الموسيقى الكلاسيكية هى ما أستمع إليها، والمجتمع السكندرى مجتمع يتقبل الآخر نتيجة تعايشه مع الجنسيات والديانات المختلفة، وقد كان هناك تعددية ثقافية وتعلمت اللغات.
أما عن حياتى الخاصة فهى ملكى أنا وليست مشاعًا، وإعطائى 90% من وقتى للفن قد يكون السبب فى فشلى فى حياتى الزوجية، لكنى لدىّ ابن «حسن» يعيش خارج مصر، وزوجتى كانت إنجليزية، ولم تكن تطيق الحياة بمصر، وزواجى كان زواجًا سريًا، لأننى لم أكن أستطيع مواجهة أبى بذلك، ولذلك أخذت شقة وعشت فيها مع زوجتى 5 سنوات، وأهلى لا علم لهم بذلك، ولكن زوجتى قالت لى إنها لن تستطيع العيش فى مصر، وطلبت منى السفر للخارج، والحصول على الجنسية، لكننى رفضت فى هذه المرحلة، لأننى كنت أريد أن أواصل وأتقدم، وكان المسلسل الإذاعى بالنسبة لى حلمًا، وعملت وقتها مع فؤاد المهندس مسلسلاته فى الإذاعة، وبعدها كان يحولها للسينما.
ما رأيك فى برامج كشف أسرار الفنانين وبرامج المقالب؟
- لا أحب قراءة فضائح الفنانين، وأنزعج جدًا من الناس التى تتحدث عن الفنانين وعن أسرارهم، فهناك برامج مثل رامز تبين لحظة ضعف ولحظة فزع بمقابل مادى، لكنهم ليسوا محتاجين، والذى يحتاج لا يستدعونه، ومن علمنى الإعلام علمنى احترام المتلقى بإعطائه ما يفيد وقته، فتعلمت من الرواد ذلك، وأغضب جدًا عندما لا يحترم مقدم البرنامج ضيفه، وهذا كثيرًا ما أراه فى برامج عديدة.
هل الصدفة لعبت دورًا كبيرًا فى حياتك ودخولك مجال الفن؟
- منذ صغرى والصدفة تخدمنى، وفى المدرسة بدأت التمثيل فى «فيكتوريا كولدج»، وفى مرحلة أخرى كان يأتى الأستاذ نور الدمرداش ليخرج لنا المسرحيات، وهذه كلها صدف، وأيضًا الصدفة البحتة جعلتنى أترك الإسكندرية مع أهلى ونحضر للقاهرة، ونسكن فى نفس عمارة الفنان عبدالحليم حافظ، والصدفة البحتة جعلتنى أيضًا أقابله صدفة، وتنشأ بيننا صداقة، والصدفة البحتة جعلت عبدالحليم يأخذنى معه تصوير فيلم وغنوة فى فيلم «حكاية حب».
وكيف ذهبت معه وهل وافق أهلك على ذلك؟
- أنا كانت عندى دراسة، ولكنى طلبت من البواب أن يقول لسيارة المدرسة إننى مريض، واختفيت فى ركن بجراج العمارة، وعندما نزل عبدالحليم من سيارته ركبت وذهبت مع،ه وكان أول ظهور لى فى السينما من خلال غنوة فيلم «حكاية حب»، وجلست بجوار عبدالحليم حافظ فى التصوير، وكان هذا يومًا تاريخيًا فى حياتى.
وأنا فى تصوير هذه الأغنية جاءنى مخرج شاب درس الإخراج بالخارج وطلب منى أن أقوم بتعريفه بعبدالحليم، وبالفعل حصل ذلك، وعند عرض الفيلم جاءت الصدفة أيضًا بأن تجلس بجوارى سيدة أجنبية وابنها الذى هو الشاب المخرج الذى قمت بتعريف عبدالحليم به، وعند ظهورى بالفيلم دعت تلك السيدة لى ولابنها بأن يكون هو مخرجًا كبيرًا وأن أكون فنانًا كبيرًا، وبعد عشر سنوات من هذا المشهد، وفى افتتاح فيلم «أبى فوق الشجرة» جلست للمرة الثانية مع السيدة وهى أم المخرج حسين كمال، وبجوارنا نادية لطفى، وميرفت أمين لتُستجاب الدعوة من خلال صدفة بحتة.
كان لديك مشروع مسلسل تليفزيونى عن الفنان محمد فوزى فما مصيره؟
- أنا بالفعل قدمت مسلسلًا إذاعيًا عن محمد فوزى فى الإذاعة، لكن فى التليفزيون لن أستطيع ذلك، لأن محمد فوزى رحل وهو فى سن 48 عامًا، ومهما كان وجهى «بيبى فيس» لكن لن أستطيع خداع الناس، فقررت أن أستعين بوجه جديد، وللمعلومة كل المسلسلات التى قدمت عن السير الذاتية لم ينجح فيها غير مسلسل «أم كلثوم» الذى قدمته صابرين.
صوت القاهرة عندما دخلت معى شريكًا عطلتنى كثيرًا، برغم أننى صورت ثلاثة أيام على حسابى، وقالوا لى وقتها إن المخرج خالد الحجر ليست له خبرة، برغم أنه أصبح فيما بعد مخرجًا كبيرًا، فغيرت المخرج وفريق عمله، فجاء مخرج آخر ودفعت له فلوس، وبعدها قالوا لى هات مصطفى قمر فعرضت عليه، لكنه أصر على الغناء بصوته، برغم أننى حصلت على حق استخدام أغانى فوزى فى المسلسل من وريثه الوحيد نبيل، وفى النهاية تعثر المشروع برغم أننى صورت أسبوعًا مع المخرج عمرو عابدين، وبعد الثورة اعتذروا عن عدم المشاركة فى الإنتاج، وبينى وبين الشركة قضية، وأنا حاليًا أبحث عن وجه جديد.
نريدك أن تحدثنا عن الفنانة شادية لأننا نعلم مدى علاقة الصداقة بينكما؟
- عملت مع شادية مسلسلات كثيرة، وكانت علاقتنا جيدة جدًا، وسجلت معها وقدمت معها حفلات، وشاركتنى أغنية «سكر حلوة الدنيا سكر»، ولكن موت طاهر الذى كانت تعتبره ابنها مع شفائها من مرض السرطان جعلها تأخذ قرارًا بالاعتزال، برغم أنها عبقرية فى التمثيل وفى الغناء، وفنانة شاملة ولها مليون شكل ومليون لون، ومطربة متطورة.
وبالمناسبة أنا لم أكن سأشاركها فى أغنية «سكر حلوة الدنيا سكر»، ولكن عندما استمعت لى وأنا أقول بعض كلمات الأغنية بكلمات أجنبية أعجبها ذلك، وطلبت من بليغ حمدى إضافة ما قلته على نفس لحن الأغنية بالإنجليزى، فوافق بليغ وشاركتها فى الأغنية.
بما أنك كنت أيضًا من المقربين من سعاد حسنى وقمت بتحقيق عن مقتلها أو انتحارها، فما الحقيقة من وجهة نظرك؟
- أكيد سعاد حسنى قتلت، وما قدمته من 8 حلقات حول القتل كان من أجمل ما قدمت، ولكنى بكل تأكيد أؤكد أنها قتلت من خلال شواهد ودلائل كثيرة، ومن خلال تقرير الطبيب الشرعى، فلا يوجد ما يدل على انتحارها بإلقاء نفسها، فجسمها كان سليمًا وبدون أى دماء، ولذلك فهى قتلت ثم تم نقلها للمكان الذى قيل إنها وقعت فيه، ولكن من الذى قتلها؟، هذا هو السر، ولكنى أستبعد أى جهة سيادية أو مخابراتية كما تردد، وهى لم تصرح نهائيًا بأنها كانت ستكتب مذكراتها.
ماذا كان شعورك أثناء تكريمك الأخير من قبل وزارة الثقافة؟
- لم أصدق نفسى أن يتم تكريمى وأنا على قيد الحياة، وأطالب الجميع بتكريم الرواد، ولو الأمر بيدى لقمت بتكريم كل الرواد، وطالبت وزير الثقافة بتكريم كل الأحياء من الفنانين الكبار، مثل مديحة يسرى، وشريفة فاضل، لكى يشعروا بأن ما قدموه خلال مسيرتهم لم يكن هدرًا، وأنا بالفعل تذكرت تاريخى كله وأنا أُكرم من قبل وزارة الثقافة.
لماذا لا يذكرك بعض النقاد عندما يتحدثون عن السينما فى جيلك غير محمود ياسين، ونور الشريف، وحسين فهمى؟
- لا أعرف، وكأننى ليس لى تاريخ فى السينما، ولم أقدم أدوارًا، مع أننى قدمت أدوارًا كثيرة جدًا ومتنوعة، وأنتجت وقدمت الكثير فى السينما، وأحب الأدوار إلى قلبى دور «محفوظ عجب»، وسألت موسى صبرى من هو محفوظ عجب، فقال لى: كثيرون.. كلنا كصحفيين محفوظ عجب، فكل صحفى به جزء من محفوظ عجب.
وأتذكر أننى عندما ذهبت لشراء ملابس دور محفوظ عجب اشتريتها من العتبة برائحتها العفنة، ولم أغسلها حتى أجسد الدور وأنا «شامم» الرائحة، لأنها بالفعل كان شخصية عفنة، لكنى أحببت الشخصية جدًا لدرجة أننى تعايشت معها جدًا.