زينب عبداللاه تكتب: شريهان.. عودة الساحرة قاهرة الوجع

كحبيب ينتظر موعد لقاء حبيبته.. يعد الأيام والليالى حتى يلقى ساحرته التى أسرته بجمالها وجاذبيتها ولم تغب عن ذهنه طوال فترة غيابها.. وحبيبة تستعد لهذا اللقاء..تتسارع دقات قلبها كلما اقترب..تستجمع سحرها وأدواتها وتنتصر على أوجاعها كى يراها المحبوب أجمل. هكذا هو الموعد المرتقب لعودة الساحرة شريهان لجمهورها بعد طول غياب.. كلاهما ينتظر اللقاء كحبيب ينتظر حبيبه، بعد أن غلبه الشوق. شريهان اسم يحمل سحر عروسة البحور، هذا الكائن الغامض الجميل الذى جسدته فى فوازير رمضان ، وحزن فهيمة ابنة بخيت البشارى وابنتها فرحانة فى الطوق والأسورة، وهموم سلمى فى "عرق البلح"، وبراءة وشقاوة سوسو فى مسرحية "سك على بناتك"، وبراعة رزة وسحرها فى "علشان خاطر عيونك". شريهان أيقونة الجمال والاستعراض ونجمة الفوازير والمسرح والسينما والتلفزيون، التى تستطيع تجسيد أقسى معانى الحزن ، وأجمل أوقات الفرح . كانت الشوارع تخلو من المارة حين تطل على الأسر المجتمعة حول التلفزيون فى رمضان، تمنحهم جلسات سحر وإبهار خاصة فى الفوازير، حتى أصبحت رمزا لبهجة هذا الشهر، تستطيع أن تقدم عدة شخصيات فى وقت واحد، لا يزال الجمهور يذكر فاتيما وحليمة وكريمة اللاتى يسطعن فى وقت واحد عبر مسلسل ألف ليلة وليلة. شريهان متعددة المواهب التى كانت تظهر كملكة على المسرح، تبهر الجمهور وتقف أمام العمالقة ومنهم عملاق المسرح فؤاد المهندس، اعتادت على مبارزة الكبار منذ بداياتها، فوقفت أمام وحش الشاشة فريد شوقى فى فيلم "الخبز المر"، وعادل إمام فى "خللى بالك من عقلك" ومحمود عبد العزيز فى "العذراء والشعر الابيض" ارتبط الجمهور بشريهان ارتباطا خاصا، رأى فيها الشباب فتاة الأحلام، وقلدتها الفتيات باعتبارها نموذجا للجمال والسحر والموضة، خليط متفرد ونادر من الصفات التى لا تجتمع فى غيرها، دخلت القلوب والبيوت منذ أن كانت طفلة ومراهقة حتى وصلت لمرحلة النضج. لم تعد شريهان مجرد فنانة، اعتبرتها كل أسرة أحد أفرادها، تابع الناس أزماتها وأوجاعها التى بدأت منذ سن مبكرة، أزمتها الأسرية مع أسرة والدها، ووفاة شقيقها الموسيقار عمر خورشيد الذى كان سندها فى الحياة، ثم وفاة والدتها، والحوادث التى تعرضت لها، ثم مرضها النادر. طوال مراحل حياتها تجرعت شريهان أنواعا من الوجع والألم، دخلت فى حرب مع كل مسببات الحزن، لكنها كانت دائما تخرج منتصرة، لا تستسلم، تقاوم كل المعوقات حتى تعود لجمهورها أفضل مما كانت. ولأنها متفردة وحالة نادرة كانت دائما تتحدى المنطق و توقعات الأطباء، ففى كل جولة لها مع الوجع يتوقع الجميع أنها لن تعود ولن تقف على قدميها مرة أخرى، فإذا بها تنتصر على أوجاعها. أصيبت فى حادث مروع عام 1990 وهى فى أوج شهرتها ونجوميتها، انكسر ظهرها وعمودها الفقرى، وظلت حبيسة قميص من الجبس، عاجزة عن الحركة لسنوات، لكنها هزمت العجز وعادت أقوى . بكى الجمهور محبوبته التى طالما أمتعته، ارتفعت دعوات الأطفال والأمهات والشباب والفتيات لشريهان، واستجاب الله وتحققت المعجزة، وعادت شريهان بمسرحية "شارع محمد على" مع وحش الشاشة فريد شوقى عام 1992 وقامت ببطولة الفوازير وعدد من الأفلام الناجحة، احتضنت النجمة أوجاعها فأبدعت كعادتها . تمر سنوات أخرى ويأبى الوجع أن يفارق شريهان، تصاب الساحرة بمرض نادر اختار جميلة نادرة، فأصيبت عام 2002 بسرطان الغدد اللعابية أحد أشرس أنواع السرطان، لتخوض النجمة معركة جديدة مع الوجع، تجرى عشرات الجراحات وتغيب عن جمهورها فترة أطول، كالعادة تتحدى كل التوقعات، وتنجب ابنتها الثانية تالية القرآن خلال فترة مرضها، تظل صلبة صامدة رغم الضعف والألم، تقترب أكثر إلى الله وتزيدها الأزمة نضجا وإرادة وإيمان، تساعدها دعوات جمهورها التى كانت تصل إليها حتى وهى متخفية فى بيت الله الحرام. وفى ثورة 25 يناير رأى الجمهور شريهان للمرة الأولى بعد غياب، تهتف بينهم، وتعود النجمة من جديد لتتواصل مع جمهورها وأحبائها وزملاءها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، تشاركهم الأفراح والأحزان، يزيدها التواصل قوة فتنتصر على المرض، وتستعد للعودة من جديد بعد غياب اقترب من 15 عاما فى عمل من إنتاج شركة العدل جروب، ورغم أنه لم يتم الإعلان عن تفاصيل العمل إلا أنه حمل البشرى لجمهور شريهان بعودة محبوبته من جديد. شريهان ليست مجرد فنانة ولكنها رحلة نضال وانتصار على الآلام والأحزان، حالها يشبه حال مصر، جميلة ومبهجة، حزينة وصابرة، تصل إلى أقصى مراحل الضعف ولكنها تتحدى الوجع وتثور على الألم وتتحدى كل الظروف، فتنهض وتعود أكثر قوة وجمالا . فى انتظار الجميلة قاهرة الوجع ..شريهان