رحلت السندريلا ورحل العندليب وتبقى ذكراهم، وتظل عائلة كلا منهما في صراع وتشابك وخلافات مستمرة وصل بعضها الى طيات المحاكم، وما تبقى من القصة هى أشلاء يصر على إحياؤها الورثة، ولكن ما يظل عالق في ذاكرة كلا منا هي الصورة الجميلة التى لا يستطيع أحد تشويهها، يظلان رمزا للحب وأيقونة للرومانسية.
رغم ذلك فإن آراء الجمهور وإحساسه يحذو حذو ثنائي الحب والرومانسية والمعاناة أيضاً ويتعاطف معهما ويتمنى الجمهور لو كانت قصة زواجهما حقيقية، يعلم الكثير منا كيف كانت طفولة السندريلا كما كانت طفولة حليم، نجد تشابه غريب في سيناريو حياتهما كأن قدرهما واحد، ولكن النهاية اختلفت، نرصد تفاصيل القصة كاملة.
زواج العندليب بالسندريلا في المحاكم
قصة زواج العندليب عبد الحليم حافظ من السندريلا سعاد حسني، استمرت كثيرا إلا أنه لم يتوقع أحد أن تصل الى المحاكم بعد رحيلهما، جاء ذلك بعدما قررت أسرة العندليب مقاضاة السيدة جانجاه عبد المنعم شقيقة الراحلة سعاد حسني، بسبب نشرها وثيقة زواج حليم من سعاد، التي تعتبرها عائلة العندليب وثيقة غير صحيحة.
محمد شبانة ابن شقيق عبد الحليم حافظ أكد أنه حذر السيدة جانجاه من نشر الوثيقة، خاصة أنها وثيقة غير صحيحة، لذلك جاء قراره اللجوء للقضاء بعدما نشرت الوثيقة في كتاب جانجاه الصادر حديثا، ويحمل اسم "سعاد أسرار الجريمة الخفية"."
وأوضح شبانة الأسباب التي تثبت أن الوثيقة غير صحيحة، وأولها أنها كتب فيها جمهورية مصر العربية، على الرغم من كون مصر وقتها كانت تحمل اسم "الجمهورية العربية المتحدة".
كما أشار ابن شقيق حليم إلى أن الوثيقة الصادرة عام 1960 تحمل إمضاء شيخ الأزهر حسن مأمون، الذي تولى المنصب عام 1964، وليس في الموعد الخاص بالوثيقة، مؤكداً أن التوقيع الخاص بعبد الحليم حافظ والموجود على الوثيقة ليس توقيعه الحقيقي ووصفه بـ "نبش فراخ".
وجدي الحكيم، شاهد على الوثيقة حقيقة أم ادعاء
أما تواجد اسم الإعلامي وجدي الحكيم كشاهد على الوثيقة، فمردود بوجود تسجيل صوتي لوجدي الحكيم يؤكد فيه أنه لم يشاهد أي وثيقة لزواج عبد الحليم من سعاد حسني، رغم شعوره بوجود قصة حب بين الثنائي.
وأشار شبانة إلى عمر سعاد حسني وقت تحرير الوثيقة المزعومة، كونها كانت تبلغ من العمر 17 عاماً، وبالتالي كيف لشيخ الأزهر أن يحرر وثيقة زواج من دون وجود ولي أمر.
وشددت أسرة عبد الحليم على أن مذكرات الراحل موجودة، ويقول فيها إنه لم يتزوج سعاد حسني لأسباب ذكرها في المذكرات، إلا أن محمد شبانة رفض أن يذكرها قائلاً "فيها كلام مش لطيف".
وفي النهاية تساءل شبانة عن سبب عدم ظهور سعاد حسني بعد وفاة عبد الحليم حافظ، والتصريح بأنها كانت متزوجة منه لمدة 6 سنوات، ولماذا لم تطالب بحقها في تركته، معتبراً أن ما يحدث الآن هو وجود بعض الأشخاص الذين يحاولون كسب أرباح هائلة على حساب سمعة الناس.
من مذكرات عبد الحليم حافظ
"نعم أحببت سعاد حسني، والذي جمع بيننا هو الحنان، لأنها عاشت مثلي طفولة قاسية، وعلّمتها كيف تختار حياتها، وعندما تمرّدت على صداقتي أحسست أنها نضجت، وسعاد كانت تتصرف بتلقائية مع الناس وتلقائيتها تسيء إليها، لكن فيها ميزة رائعة وهي الوفاء لأسرتها". هكذا وصف عبد الحليم حافظ علاقته بسعاد حسني.
مفيد فوزي يتحدث عن تفاصيل في حياة العندليب والسندريلا
يذكر الكاتب مفيد فوزي أن الحب لم يجلب لهما سوى الشقاء، ويقول "كان يغار على سعاد حسني بجنون، وكان يريد أن يعيد ترتيب حياتها، كان يقول لي مش عاجباني طريقة عيشتها، ومش عاجباني الطريقة اللي بتشتغل بيها، فلوسها بتتصرف بطريقة غريبة، وبيتها مش بيت فنانة ليها اسم، ده يمكن بيت كومبارس أفضل من بيتها".
ويتابع "كان عبد الحليم مهموماً بمشاكل حياة سعاد حسني، وكان يعبّر لي عن هذا الاهتمام، وكان عندما يأتي من رحلة سفر يطلبها تليفونيّاً ويقول لها: عندك شاي نضيف يا بنتي ولّا أجيب معايا؟ عندك فناجين والا انكسرت كلها؟ عندك سكر قوالب ولّا
قزقزتيه".؟
شهادة الطبيب الخاص للعندليب حول قصة زواجه بالسندريلا
من المؤكد أن عبد الحليم حافظ فكّر جدّياً في الزواج من سعاد حسني، وهذا ما أكده الطبيب الخاص للعندليب الدكتور هشام عيسى في كتابه "حليم وأنا" الصادر عن دار الشروق.
ويقول عيسى: "كانت سعاد هي الحب الحقيقي في حياته، وهي المرة الوحيدة التي استقامت رغبته مع قراره بالزواج"، ويتابع "أكاد أقول أنه كان يبحث في كل مرة عن سعاد حسني أخرى".
وفي الثامن من يونيو عام 1963، أرسلت سعاد حسني رسالة قصيرة إلى عبد الحليم حافظ، رحّبت فيها بعودته إلى الاستوديو بعد خروجه من المستشفى، متمنية له دوام الصحة والحب.
صديق العندليب نفى قصة زواجه بسعاد حسني
ينفى مجدي العمروسي، زواج العندليب من السندريلا، مرجحاً أن يكون سبب الشائعة هو أنه كان يقضي معها أوقاتاً في شقتها في الزمالك، القريبة من شقته المواجهة لحديقة الأسماك. ويقول إن حليم كان يشعر بالأنس والبهجة معها وينسى مرضه ومتاعبه.
ومما أثار أقاويل عن زواجهما أن حليم اصطحب معه حسني في إحدى رحلاته الفنية إلى المغرب وشمال أفريقيا واشترى لها ملابس وهدايا قيّمة، إلى حد أن الموسيقيين ومرافقيه في الرحلة قالوا إنه يشتري لها لوازم الفرح.
وعادا إلى القاهرة، وانتظر الجميع إعلان الزواج وتحديد موعد الزفاف، لكن لم يحدث شيء.
رواية أخرى يكشفها محمد بديع سربيه
من بين الروايات التي كشفت أسرار علاقة السندريلا وسعاد حسني، كتب الصحفي اللبناني الراحل محمد بديع سربيه مقالا نشرته مجلة "نورا" عام 1977، وكشف فيه العديد من الأسرار عن الفنانين.
وقال سربيه إن عبد الحليم حافظ كان شديد الغيرة على سعاد حسني، ولكنه في نفس الوقت لا يعترف أمام أحد بحبه لها، بل على العكس كان ينفي تماما هذا الحب، أما السندريلا، فلم تكن تخفي أحد حبها للعندليب الأسمر، بل تعلنه للجميع، وتعترف به لصديقاتها وزميلاتها المقربات، وكان في تصورها أن الزواج لابد وأن يكون النهاية الطبيعية في يوم من الأيام لهذا الحب، ومن هنا كان التناقض في فهب الحب بين السندريللا والعندليب.
عبد الحليم لم يكن ينوي أن يصل مع سعاد حسني إلى المأذون، وكان السبب في ذلك هو اقتناعه بأنه مريضا ولا يجب أن يتزوج، إلا إذا كان أنانيا، بحيث يحكم على المرأة التي يتزوجها بأن تتحول إلى ممرضة، أو يعرضها لاحتمال الترمل، بالإضافة إلى ذلك فإن بعضا من أفراد حاشيته استطاع إقناعه بأن المعجبات به سوف ينصرفن عنه بمجرد أن يعرفن أنه يحب أو أنه مقدم على الزواج.
قصة الحب بين العندليب والسندريلا كما رواها سربيه
بدأت قصة الحب في بداية عام 1961 وفي ليلة كان العندليب الأسمر يعد فيها نفسه للسفر إلى لندن، في اليوم التالي لكي يجري عملية جراحية في معدته، توقف أعراض النزيف الذي بدأ يرهقه ويفاجئه في الليل، وليلة سفره وقفت سيارة صغيرة حيث يقيم، ونزلت منها سعاد حسني، وبقيت السندريللا بجوار عبد الحليم حتى الساعة السابعة صباحا، ثم ودعته بالدموع، ولم تذهب معه للمطار وقتها حتى لا تنكشف مشاعرها أمام الملأ.
وكان عبد الحليم وهو في لندن يحرص على الاتصال المستمر بالسندريللا، ليعرف تحركاتها، والناس الذين تراهم أو تتحدث إليهم، وذات يوم وعرفت سعاد أن الأطباء في لندن أشاروا على العندليب أن يرتاح بعد عودته للقاهرة سنة كاملة، لا يغني خلالها أو يمثل، وخلال هذه السنة، اعتذرت سعاد حسني عن العديد من السيناريوهات والأعمال حتى تكون بجوار العندليب.
ولكن العندليب نفسه، لم يأخذ بنصيحة الأطباء، واتصل بكمال الطويل، ومحمد الموجي وأحمد فؤاد حسن، وحدد معهم مواعيد للبروفات لتقديم أغنيات في حفل كبير أقامته وقتذاك إذاعة صوت العرب، وفي الوقت نفسه، بدأت علاقة الحب بين السندريللا والعندليب تنكشف للجميع.
وبقدر ما كانت حكاية عبد الحليم وسعاد منتشرة في المجتمع الفني، بقدر ما كانت تبدو معقدة، وغامضة ومشوشة الملامح والمعالم، حيث كان العندليب دائما ما كان يعاتبها بشدة لأنها منفتحة من وجهة نظره أكثر من اللازم.
وقال سربيه عن غيرة العندليب عليها
كان دائما يعاتبها لأنها تضحك مع فلان، وتتهامس مع "علان"،ومن جديد تنهار أعصابها، ولا تعود تعرف كيف تتصرف، وكيف تخرج من هذا البحر المتلاطم الأمواج الذي زجها فيه غرامها لعبد الحليم حافظ، وهو غرام وصفته يوما ما لصديقة لها، بأنه حب عميق لف قلبها وأسر مشاعرها، لأنه بدأ بالحنان الذي أحاطها به عبد الحليم حافظ، وكان "حنانا لذيذا" لم تحس به من قبل، بل إنه كان بمثابة تعويض لها عن الحنان الذي افتقدته وهي طفلة، بسبب الخلافات التي كانت تحدث بين والديها.
ويؤكد رواية الغيرة الزائدة، هو ما كشفه مفيد فوزي "في تصريحات تليفزيونية" قال فيها إن عبد الحليم كان يغير على سعاد حسني لدرجة أنه كان يرسل سائقه لمراقبتها أثناء توجهها لمنزل الفنانة زهرة العلا ويعود الشائق بأرقام السيارات الموجودة أسفل منزل السندريلا ويعرف منها أصحابها.
قال العندليب عن السندريلا
سعاد تتأثر بسرعة، تفرح بسرعة، وتغضب بسرعة، وكل ذلك بسبب ما مرت به في حياتها الأسرية.
كانت صغيرة تضطر أن تذهب إلى المحكمة لحضور جلسات القضايا المرفوعة بين الأب والأم، يطلب منها الأول أن تشهد لصالحه، وتطلب منها الثانية نفس الطلب، فتذهب للمحكمة، وتقف أمام القاضي تقول ما يدور في خاطرها، بتلقائية، وتكون النتيجة "علقة ساخنة"، وغيرها من المشاكل، كأن تجلس هي وإخوتها في المنزل حتى تعود أمها "الخياطة" من عملها، أو أن يحصل الأب على حكم قضائي بضم الأبناء إلى حضانته، وتبتعد عن أمها لتحيا رجل يضربها على أي خطأ يقع منها.
فجأة، وفي أحد أيام شهر أغسطس عام 1965، خرجت أختها صباح لتسافر إلى الإسكندرية، ووقع لها حادث في الطريق، ماتت، وبكت سعاد، وأصبحت تكره الموت وتخاف من المنزل، وبدأت تتجه لتنام مع بنات أسرة حليم، لتزداد الشائعات أكثر بوجود قصة حب بينهما.
يقول حليم "لحظات فكرت فعلاً في سعاد حسني، كزوجة، أنا أحتاج إلى إنسانة كسعاد"، لكنه لم يستطع أن يصدر قرارا لقلبه بتحويل صداقته منها إلى قصة حب، وعلى الجانب الآخر قررت سعاد أن تبتعد تدريجيًا، وتقلل من اتصالاتها به، حتى أن حليم أحس أنها تتمرد على صداقتهما.
مرت 8 سنوات لم ير فيها سعاد حسني، ثم حدث ورآها أثناء تسجيل إحدى أغنيات وردة، لكنه أحس بأنها تغيرت، بدأ يشوبها بعض التكلف، شيء من عدم البساطة، ليختتم الفصل الذي أسماه "نعم أحببت سعاد حسني ولكن" .."حزنت، وتمنيت ألا يكون لقاؤنا في ذلك اليوم قد تم".
سعاد حسنى تتحدث عن حليم