صياغة الكلمات، فن هو صاحبه عن جداره، ليبث الروح في القصة الأدبية، ويضيف لحوارها المتعة في التعبير والدقة في الوصف، ليبرع في صنع شخصيات علي الورق، يرتبط بملامحها المشاهد، فيعشق تفاصيلها، برع في ترجمة شخصيات أبطال نجيب محفوظ، فأحياها من جديد علي الشاشة الفضية وشاشة التلفزيون، فمن منا لم يرتبط بعائلة سي السيد في "بين القصرين" و"قصر الشوق"، ومن منا لم يحرك وجدانه حواديت أهالي "حديث الصباح والمساء"، وغيرها الكثير من الأعمال الأدبية التي نجح الراحل محسن زايد" في تقديم المعالجة الفنية لها وصياغة حوارها ليعيد فيها الحياة من جديد.
ولد محسن زايد، يوم 23 أغسطس سنة 1944، بحي السيدة زينب بالقاهرة، وإلتحق بقسم المونتاج بالمعهد العالي للسينما، ليترك قسم المونتاج بعد عام واحد ويلتحق بقسم الإخراج، ليجمع بذلك بين القدرات الفنية للمخرج وبين موهبة الكتابة وصياغة الحوارات والتي يشهد علي براعته فيها الكثيرون.
في سنة 1972، قدم نفسه كمخرج وسيناريست للمرة الأولى من خلال فيلم "فرح زهران" مع الفنان عبد العزيز مخيون، وبالإشتراك مع إسماعيل ولي الدين كتب زايد سيناريو فيلم "حمام الملاطيلي"، مع الفنانة شمس البارودي، وإخراج رائد الواقعية صلاح أبو سيف.
ولعل أهم محطة في حياة زايد وسبب إطلاق النقاد عليه لقب "محفوظ" الدراما والسينما المصرية، هو قيام محسن زايد بتقديم المعالجة الفنية لعدد من روايات الأديب العالمي نجيب محفوظ ببراعة كبيرة، لينجح في تقديم أفضل ترجمة بصرية سينمائية ودرامية لكتابات "نصير الحرافيش" العالمي نجيب محفوظ.
ففي سنة 1983، كتب زايد سيناريو وحوار فيلم "أيوب"، والذي أخذ عن رواية لنجيب محفوظ، ليدخل بذلك محسن زايد عالم "نصير الحرافيش" الأديب العالمي نجيب محفوظ، ويقوم بصياغة المعالجة الفنية والسيناريو والحوار لمسلسل "بين القصرين"، الذي عرض سنة 1987، إخراج يوسف مرزوق، ليقدم بعدها بسنة مسلسل "قصر الشوق" مع نفس المخرج.
ويستكمل محسن زايد مسيرته الإبداعية بصياغة السيناريو والحوار لعدد من الأعمال الأدبية الهامة مثل فيلم "المواطن مصري" مع المخرج صلاح ابو سيف، والمأخوذ عن رواية "الحرب في بر مصر" ليوسف القعيد، ليقدم في عام 2001 رائعة الدراما المصرية وأهم علاماتها مسلسل "حديث الصباح والمساء" والمأخوذ عن الرواية العبقرية التي حملت نفس الإسم للأديب العالمي "نجيب محفوظ"، ليقدم بعد عام واحد وبالتحديد في سنة 2002، مسلسل "السيرة العاشورية" الجزء الأول، والتي أخذت من ملحمة الحرافيش لنجيب محفوظ، ليستحق محسن زايد منذ ذلك الحين وعن جدارة أن يلقب بـ"محفوظ" الدراما المصرية.
لم يتوقف عطاء محسن زايد من الإبداع، حتي بعد أن وافته المنية يوم 27 يناير سنة 2003، فعرضت بعد رحيله بعض الأعمال الفنية التي كتبها ومن بينها الجزء الثاني من مسلسل "السيرة العاشورية" عام 2005، وفيلم "فرحان ملازم آدم" الذي قدمه المخرج عمر عبد العزيز في نفس العام، ومسلسل "تاجر السعادة"، والذي عرض بالتلفزيون سنة 2009، ليكون أخر عمل يشاهده الجمهور ويحمل إسمه، ليمتعنا محسن زايد حتي بعد وفاته بأعمال حفرت في ذاكرة تاريخ الفن المصري..رحم الله "محفوظ" الدراما المصرية.