فى الذكرى الأولى لرحيل "الطفلة المعجزة".. "فيروز" صغيرة فى السن كبيرة فى الفن

هى عنوان لخفة الظل، والحيوية، والحب، فهى طفلة صغيرة استطاعت لفت انتباه الجمهور، لتجبره على عشقها، ووضعها وهى لم تتعد السابعة من عمرها على أعلى قمم النجومية والمجد، لتكوّن بصحبة الفنان الراحل أنور وجدى ثنائيا فنيا لم يكن لنجاحه مثيل فى تاريخ السينما المصرية، وليوضع اسمها جنبا إلى جنب مع نجمات الزمن الجميل، ولتصبح بطلة لفيلم "فيروز هانم"، والذى حمل اسمها لتتساوى فى ذلك مع النجوم ليلى مراد وإسماعيل ياسين، الوحيدّين من الفنانين الذين قدمت السينما أعمالا حملت أسماءهم، إنها العبقرية فى الأداء، الرشيقة فى الاستعراض، الشقية فى التجسيد، الطفلة المعجزة "فيروز".



ولدت بيروز آرتين كالفيان، الشهيرة بـ"فيروز"، يوم 15 مارس 1943، فى القاهرة، لأسرة أرمنية، من حلب بسوريا، وهى من أسرة فنية بامتياز، فهى الشقيقة الكبرى للفنانة نيللى، وابنة عمة الفنانة لبلبة، ليكتشف موهبتها صديق والدها الفنان اللبنانى إلياس مؤدب، والذى كان يعزف على الكمان فى إحدى السهرات الموسيقية التى كان يقضيها فى منزل عائلة "آرتين كاليفان" والد فيروز، ليلفت انتباهه خفة ظل الطفلة "الشقية" فيروز، والتى كانت ترقص أثناء عزفه على الكمان، ليؤهلها إلياس لتخطو أولى خطواتها فى التعامل مع الجمهور وجها لوجه وهى فى سن السابعة، فيدربها على حفظ المنولوجات، ويؤلف ويلحن لها منولوجا خاصا بها، ويصطحبها معه أحد المرات لغناء منولوجها فى إحدى الحفلات المنزلية، ليلقى منولوجها نجاحا باهرا، ويقف كل الحضور مصفقا لها ومنبهرا بالمعجزة الصغيرة، فيقوم مكتشفها بالتقديم لها فى إحدى مسابقات المواهب التى نظمها ملهى "الأوبيرج الليلى"، فتنجح فيروز نجاح يلفت نظر المنتجين السينمائيين لها، ليقرر الفنان أنور وجدى تبنى "الطفلة المعجزة" فنيا.




وقع الفنان أنور وجدى عقد احتكار مع والد فيروز، لتتقاضى وفقا لبنوده ابنته ألف جنيه عن كل فيلم سينمائى تشارك به، وبالفعل تبدأ المسيرة الفنية لفيروز، التى لم تتجاوز حينها السابعة من عمرها، بتقديم أولى أفلامها سنة 1950، بفيلم "ياسمين"، الذى جسدت فيه فيروز دور "ياسمين" أو "قطقوطة"، وكان من المقرر أن تشارك فى هذا الفيلم الفنانة فاتن حمامة، إلا أنها اعتذرت عن قيامها بالدور لرفضها المشاركة فى فيلم تدور أحداثه حول طفلة، لتقوم بالدور الفنانة مديحة يسرى، لتقف فيروز جنبا إلى جنب مع عددا من عمالقة الزمن الجميل، من بينهم، مديحة يسرى، وزكى رستم، وزينات صدقى، وأنور وجدى، والذى أنتج وأخرج الفيلم إلى جانب أدائه لدور البطولة به.

ويلقى فيلم "ياسمين"، وبالتحديد دور فيروز، نجاح كبير عند الجمهور، الذى رأى على الشاشة الفضية، إبداع لطفلة صغيرة تغنى مع الفنان أنور وجدى مجموعة من الأغانى من بينها "كروان الفن"، و"معانا ريال"، وتقوم أثناء الغناء بتقليد شكل "شارلى شابلن"، لتقدم الإستعراضات برشاقة وخفة ظل ليس لها مثيل، فيلتفت نظر الجمهور لها، ويضعها على سلم المجد الذى نجحت فى صعوده فى زمن قياسي.



وبعدها بعام واحد وبالتحديد، سنة 1951، قدمت فيروز ثانى أفلامها، والذى حمل اسم "فيروز هانم"، مع النجوم تحية كاريوكا، وحسن فايق، وفردوس محمد، وعبد الفتاح القصرى، واستيفان روستى، لتتساوى فى ذلك مع ليلى مراد وإسماعيل ياسين، والذين قدما أعمالا فنية حملت أسماءهم.


وتواصل المعجزة فيروز تألقها بتقديم عدد من الأفلام وصلت لنحو 10 أفلام استطاعت من خلالها حفر اسمها فى قلوب عشاقها، ومن بين تلك الأفلام، "دهب"، و"إسماعيل ياسين طرزان"، و"أيامى السعيدة"، و"الحرمان"، والذى كان من إنتاج والدها وعلى نفقته الخاصة، لينتج لها فيلما آخر بعده وهو فيلم "عصافير الجنة"، والذى شاركت فيه إلى جانبها أختها الصغرى نيللى.



وفى سنة 1959، قدمت فيروز آخر أفلامها، وهى فى سن السادسة عشر، والذى حمل اسم "بفكر فى اللى ناسينى"، مع شكرى سرحان، ورشدى أباظة، وزهرة العلا، ومن إخراج حسام الدين مصطفى، لتنهى به فيروز مسيرتها الفنية، وتقرر الاعتزال، والذى أرجعه البعض إلى عدم تقبلها فكرة ألا تكون هى بطلة العمل الذى تشارك فيه، فيما أرجعه البعض الآخر لوفاة الفنان أنور وجدى وعدم تقبل الجمهور لها إلا فى دور الطفلة الشقية والذى أصبحت غير قادرة على تقديمه بعدما كبرّت فى السن.



تزوجت فيروز بعد اعتزالها من الفنان بدر الدين جمجوم، والذى كان قد تعرف عليها أثناء مشاركتها فى فرقة إسماعيل ياسين المسرحية، لتنجب منه "أيمن وإيمان"، وتعيش معه فى هدوء لما يصل لنحو 30 عاما إلى أن فارق الحياة سنة 1992.

وفى سنة 2001، تم تكريم الفنانة فيروز فى مهرجان القاهرة السينمائى عن مجمل أعمالها، والتى وصلت لنحو 10 أفلام، مثلت خلالها 6 أفلام شهيرة حققت نجاحا منقطع النظير، إلى جانب أربعة أفلام لم تحقق نفس الشهرة أو الأثر، لتعيش بعدها فيروز فى هدوء بعيدا عن الأضواء وصخب الشهرة.

ويأتى الفصل الأخير فى حياة "معجزة السينما"، لتمرض وتفارق الحياة، فى يوم 30 يناير سنة 2016 ، ويقيم ابنها "أيمن" عزاء والدته فى مسجد الحامدية الشاذلية، رغم أن الفنانة الراحلة فيروز ظلت على ديانتها واعتناقها للمسيحية، إلا أن زوجها الفنان بدر الدين جمجوم كان مسلما، وأبناؤها منه مسلمون، وهو ما بررّ به "أيمن"، فى إحدى حلقات برنامج "معكم" مع الإعلامية منى الشاذلى، إقامة عزاء والدته فى مسجد.