ربما لا يعرف كثيرون أن الموسيقار زكريا أحمد غنى ولحن الأغنية الشهيرة «القلب يعشق كل جميل» أشعار بيرم التونسى، فى الأربعينيات، ولم يحظ وقتها اللحن بالانتشار وكذلك الأغنية نفسها، حتى غنتها أم كلثوم مطلع السبعينيات بلحن الموسيقار رياض السنباطى.
بالطبع الشيخ زكريا أحمد اجتهد فى الأغنية ووضع ألحانها من مقام «البستة نيكار»، وهو أحد المقامات الموسيقية، وتغنى بها فى حفلاته، لكن ظل لحن السنباطى هو الأكثر جمالا وروعة.. وهنا يأتى السؤال، لماذا نجح لحن السنباطى عن لحن الشيخ زكريا وتفوق عليه فى «القلب يعشق كل جميل»؟.. الإجابة نجدها عند السنباطى، حيث وضع لحنا خالدا لكل الأوقات، وليس لزمن أو فترة معينة، بل صنعه لـ «بكرة» الذى لن يأتى أبدا، بخلاف الشيخ زكريا أحمد الذى وضع لحنًا يتماشى مع فترة معينة.. السنباطى صنع لحنا شبيهًا بالابتهالات الدينية، به خليط من الروحانيات، ومزج بين الفرح والشجن، وطوال الأغنية يؤكد على هذه الجمل اللحنية البديعة، لذلك رسخت فى أذن المستمع للأبد.
لحن «القلب يعشق كل جميل» كان تحديا لرياض السنباطى، إذ كان يمثل عودته من جديد للست بعد فترة غياب كانت تتعاون فيها مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب فى أغنيات «أنت عمرى، أمل حياتى، هذه ليلتى» وغيرها، لذا وكما يقولون «أخذته الجلالة» ووضع لحنا مختلفا فى التكوين والشكل والإيقاع، وما أضفى له جمالا طريقة أداء أم كلثوم، فهى تفوقت بأدائها على زكريا أحمد، إضافة إلى عذوبة الكلمات وعبقريتها: «القلب يعشق كل جميل.. وياما شفتى جمال يا عين، واللى صدق فى الحب قليل.. وإن دام يدوم يوم ولا يومين، واللى هويته اليوم.. دايم وصاله دوم.. لا يعاتب اللى يتوب ولا فى طبعه الـلوم، واحد مفيش غيره ملا الوجود نوره.. دعانى لبيته لحد باب بيته.. وأمـّا تجلالى بالدمع ناجيته».
تظل رائعة «القلب يعشق كل جميل» سيمفونية خالدة بصوت أم كلثوم ولحن رياض السنباطى، ومن أجمل الأغنيات الروحانية التى تبعث الراحة والسلام الداخلى فى النفوس.