أثار خبر وفاة فايزة عبد الجواد، والتى تعد من أشهر كومبارسات السينما المصرية، سؤالاً مفاده: كيف يعيش مجتمع الكومبارسات حياتهم؟.. وهل هى حقًا حياة أو شيئًا يشبه الحياة؟.. بالطبع لا أحد يعرف هذه الإجابة إلا من عاش معهم وعرف معاناتهم.. ورأى أحلامهم وهى تتحطم على صخرة الواقع.. هؤلاء يقفون على حافة الهاوية، (لا تمثيل) و(لا نقابة تحفظ لهم حق)، ولا يجدون من يعبر عن مأساتهم الحقيقية وظروف معيشتهم الصعبة رغم أنهم وجه معروف للكثيرين بتجسيدهم الأدوار الثانوية والمهمشة.
حياة "الكومبارس" فى بداية المشوار تبدأ بالأحلام والتمنى ولسان حالهم يردد: "يمكن تضرب معانا زى ما ضربت مع فلان وعلان"، ويحلمون أن تعرف النجومية طريقها إليهم ذات يوم، ويقفون أمام عدسات التصوير ويوقعون على الأوتوجرافات وتتصارع الكاميرات التليفزيونية من أجل خطف حوار أو تصريح لهم، مثل النجوم، لكن فى الأغلب تنتهى حياتهم دون أن يحققوا أحلامهم الكبيرة أو حتى الصغيرة، وبعضهم صادق مع نفسه ويعرف أن النجومية بعيدة عنهم ويسعون لتوفير لقمة العيش فقط، بعيدًا عن مكاتب السمسرة التى تنتقص من قيمة أجرهم اليومى.
فى كل مساء وعقب انتهاء تصوير أوردهم -إن وجد- يذهب الكومبارسات لمقهى "بعرة" الشهير بشارع عماد الدين، من الساعة الرابعة عصرًا حتى مطلع الفجر، أملاً فى الفوز بـ"أوردر عمل" لضمان مبلغ تتراوح قيمته من 80 إلى 100 جنيه، ربما لا يكفى لدخان سجائرهم أو حلاقة شاربهم بشكل معين حتى تتم الاستعانة بهم فى الأدوار، لكنهم يتبارون فى الحصول على "أوردر" فيلم أو مسلسل لأنه عملهم الأساسى، و(يبقى حظه حلو اللى يتصل به ريجيسير ولا سمسار ويقوله أنت معانا بكرة)، وهؤلاء هم المحظوظون الذين يجدون عملاً ما بين فترة وأخرى، لكن أكثرهم يجلسون على المقاهى سواء فى وسط البلد أو شارع الهرم ويترددون على استوديوهات التصوير وشركات الإنتاج الصغيرة والكبيرة لعل وعسى أن يعثروا على عمل.
أكثر من كومبارس جلست معهم فى مقهى "بعرة" بعضهم يتذكر صباه عندما وقف مع رشدى أباظة وأحمد رمزى وصباح، وآخرون يحتفظون بصورهم مع النجوم منهم الزعيم عادل إمام وصلاح نظمى ومحمد رضا ويفخرون أنهم وقفوا أمام هؤلاء العمالقة.
صناع السينما والدراما التليفزيونية يدركون أنه لا غنى عن الكومبارس، إلا أنهم لا يلقون الاهتمام المناسب وليس هناك ضوابط نقابية تحمى حقوقهم وتضمن لهم حياة كريمة، هم يعيشون فى الدنيا صامتون مثلما يقفون وراء الكاميرا.