استنكر د. عمرو خالد، الداعية الإسلامى، فهم البعض للإيمان بالقضاء والقدر على أنه استسلام وعجز وسلبية، بل هو - كما وصفه - طاقة إيجابية دافعة وفعالة للحركة، تمنح المؤمن القدرة على التحرك فى مساحات أوسع، لكى يفكر ويجتهد ويعمل على الانتقال إلى قدر جديد أجمل وأفضل.
وأضاف "خالد" فى سادس حلقات برنامجه الرمضانى "طريق للحياة"، أن الله لم يجبرنا على أفعالنا، وإنما كتابته لأفعالنا كتابة علم وليست كتابة إجبار، موضحًا أن كل آية فى القرآن، وكل فعل أمر فيه يعنى أنه يكلفنا بأمر ما، ويترك لنا بالتالى الخيار فى الفعل.
واستشهد "خالد" فى سياق كلامه بحديث النبى صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كلٍ خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنى فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان".
وعلق قائلاً: "لو تدبرت معنى الحديث ووقفت عند معانيه، فإنك بذلك تدمر الفهم الخاطئ للقدر، فالقوة بمفهومها الشامل "البدن ـ المال ـ السلاح ـ العلم ... إلخ، لكن المعنى الجديد هو القوى الذى يجيد التحرك فى مساحات القدر، والدليل: احرص على ما ينفعك، استعن بالله ولا تعجز، لا تيأس إن اعترضك قدر، اطرق بابًا جديدًا، فالمجال واسع, والاختيارات متعددة".
فيما ساق الداعية الإسلامى، قصة يوسف - عليه السلام - باعتبارها أقوى مثال على عملية التفاعل مع القدر بوصفه دافعًا للطاقة، مشيرًا إلى مروره بمراحل مختلفة لم يستسلم خلالها لظروفه، بدءًا من إلقاء أخوته له بالبئر، مرورًا ببيعه، وشراء عزيز مصر له، وإقامته فى بيته، حيث تعلم الاقتصاد، ثم دخوله السجن، واختياره عزيزًا لمصر، ليكون سببًا فى إنقاذها من القحط والمجاعة، وعاد فى النهاية إلى أبيه وأصلح أخوته.
وخلص "خالد" إلى أن "الإيمان بالقدر ليس حقنة مخدرة، لكنه مشروب طاقة يحفزك للنجاح، يضيق عليك القدر ليحفزك لتجتهد وتفكر وتعمل لتنتقل إلى قدر جديد أوسع لك، القدر يرفع سقف أحلامك، القدر فرصة لاختبار إصرارك.. فكر واجتهد وأبدع لتنتقل من قدر ضاق عليك إلى قدر جديد أوسع لك".
وشدد على ضرورة تحرير المفاهيم الإسلامية من الفهم التخديرى السلبى إلى مفاهيم فعالة تحرك الحياة نحو العمل والإنتاج، فالدين ليس مخدر وأفيون الشعوب بل على العكس هو المحرك لفاعلية الشعوب.