انتقد الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامى، فكرة العيش بالمظلومية من قبل من يصورون أنفسهم على أنهم ضحايا لمؤامرات الآخرين، فيما اعتبره محاولة من جانبهم لإراحة ضميرهم، حتى يبعدوا عن أنفسهم شبهة التقصير، متذرعين بالظروف والأعداء والظالمين والحاقدين والفاسدين، ما أدى إلى أن "أصبحت المظلومية بمثابة حقنة مخدرة نلجأ إليها للهروب من تحمل المسئولية، أو حقنة كراهية وعنف وغضب".
ولم يعف خالد فى تاسع حلقات برنامجه الرمضانى "طريق للحياة"، الكثير من الأفكار الإسلامية من المسئولية عن انتشار فكرة المظلومية، بعدما روجت لفكرة المؤامرة على الإسلام من الغرب، وأن هذا هو السبب الأساسى فى كل ما يعانيه المسلمون من أزمات ومصائب وكوارث، حتى صارت عقول الشباب المرتبط بهذه الأفكار يسبح فى فراغ نظرية المؤامرة، وصار يرى العالم بهذه النظارة السوداء القاتمة.
ومع ذلك، قال عمرو خالد: "نحن لا ننكر أن هناك مؤامرات وليست مؤامرة واحدة على شعوبنا وبلادنا، لكن هذه طبيعة الحياة، فمنذ خق الله آدم وكل قبيلة أو أمة لها مصالح تتعارض مع مصالح قبيلة أو أمة أخرى تدبر لها المكائد، لكن الحل يكمن فى التخطيط لبناء الذات لتقويتها، وبالتالى إضعاف المؤامرات".
وذكر أن القرآن عالج تلك المشكلة بالدعوة إلى بناء النفس، كأفضل طريق للانتصار على الأعداء، فبعد انكسار المسلمين فى غزوة أحد، فكر الصحابة بنفس الطريقة، وكان الرد القرآنى الحاسم عليهم بآية نزلت تعلمهم تحرير العقل من إلقاء الأخطاء على شماعة الأخرين "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
وطرح خالد الحل البديل من الإسلام عبر ما سماه بـ"الفاعلية الرحيمة"، وهى أن "تركز على نفسك، وتحول الغل والكراهية والعنف إلى فاعلية رحيمة: الإيجابية مع الرحمة والتسامح".
وضرب مثلاً بما تعرض له يوسف عليه السلام من جانب إخوته، من معاناة وظلم منذ الصغر، ومع ذلك لم يرد فى سورة "يوسف" أى كلمة يشكو فيه من الظلم الواقع عليه، لأنه اختار بديلاً آخر هو الفاعلية الرحيمة، فتعلم الاقتصاد وهو فى بيت العزيز، وعندما قبل بتفسر الرؤيا لم تكن لديه طلبات مقابل ذلك.. أصلح أخوته وأتى بهم إلى مصر وعززهم، وهو ما سماه بـ"الفاعلية الرحيمة".
وشدد "خالد" على ضرورة مواجهة نفسية الصراع وعقدة الاضطهاد عند المتدينين ونفسية إلقاء الأخطاء على شماعة الظروف وتحويلها إلى نفسية إيجابية تتحمل المسئولية.. ولا تعرف الغل والكراهية.
وقال إن الفاعلية الرحيمة لا تعنى أنه ليس هناك ظلم أو مؤامرات فى الحياة، لكنها تضع طريقة للتعامل مع هذا الظلم بشكل عملى فعال ناجح، مطالبًا بمواجهة فكرة العالم ضد الإسلام والإسلام ضد العالم، وكذا مواجهة آلاف الشباب الدائم الشكوى لظروف الحياة وظلم المجتمع بالفاعلية الرحيمة.