"أوجه لها الشكرعلى تحملها حياة الرهبنة معى عمرا طويلا، وجزاؤها عند الله".. هذه باختصار كانت رسالة الأديب العالمي نجيب محفوظ لزوجته والتى وجهها لها من خلال الفيلم التسجيلى النادر "حارة نجيب محفوظ" للمخرجة سميحة الغنيمى من إنتاج التليفزيون المصرى، والذى يعد من أحد الكنوز الموجودة داخل مكتبة التليفزيون، حيث طرح الفيلم منذ فترة قصيرة على قناة اتحاد الإذاعة والتليفزيون باليوتيوب.
وتضمن الفيلم الذى تبلغ مدته 17 دقيقة تقريبًا، عدة رسائل من الأديب الراحل أراد أن يوجهها إلى الأجيال الحالية والقادمة وكأنه يودع حياته بهذه الكلمات "أرى أنى أقمت حياتى فى الدنيا على أساس الحب، حب العمل، وحب الناس، وحب الحياة، وأخيرا حب الموت".
وقال أيضا "مصر هى المولد والمنشأ والمعاش، وهى ليست مجرد وطن محدود لحدود، ولكنها هى تاريخ الإنسانية كله، وأنى أحب الإقامة فيها، وأرجو ألا أتركها إلا مطرودًا أو منفيًا".
ورصدت المخرجة سميحة الغنيمى حياة الأديب نجيب محفوظ من خلال تنقلاته اليومية ما بين منزله فى العجوزة وعمله بالأهرام، ثم لقاءاته اليومية مع أصدقائه ومجموعة الحرافيش، كما تضمن الفيلم لقاءات مع مجموعة من المقربين منه مثل زوجته وبعض جيرانه فى منطقة الجمالية التى ولد بها، وبعض مشاهد أفلام روايته مثل بين القصرين والحرافيش.
ويبدأ الفيلم والذى أنتجه التليفزيون المصرى، بتتر يتضمن أسماء المشاركين فى العمل، حيث كتب السيناريو يحيى تادرس، ومدير التصوير رمسيس مرزوق، فيما أشرف على الإنتاج ممدوح الليثى، ووضع الموسيقى التصويرية للفيلم الموسيقار كمال الطويل، وبعدها يبدأ الفيلم من "نوبل" والتى حصل عليها محفوظ فى عام 1988، حيث يقرأ الفنان الراحل كرم مطاوع حيثيات فوز محفوظ بالجائزة، ثم يحكى بعدها محفوظ كيف كانت بدايته فى الجمالية وانتقاله للعباسية، ثم بدأ أحد جيران نجيب محفوظ يتحدث عن حياتهما فى الصغر، وكيف كانا يلعبان سويا.
كما يتضمن الفيلم، مشاهد من المقهى التى كان يجلس عليها محفوظ، فى زقاق المدق، وكيف استوحى من هذا المكان روايته الشهيرة التى تحمل نفس الاسم من خلال جلوسه الدائم فى هذه المقهى، والتى يقول عنها "كنت أجلس فى قطعة من التاريخ القديم"، وتحدث محفوظ عن تأثره بالحارة المصرية فى أعماله الروائية، وأيضا فكرة انتشار "العوالم" والراقصات فى تلك الحقبة الزمنية فى مصر.
وتضمن الفيلم حوارا قصيرا لزوجة الراحل نجيب محفوظ، والذى قالت فيه "تزوجنا عن حب، وهو كان زوجا مثاليا، وأبا مثاليا، ويحترم آراءنا، ولا يرفض لنا أى طلب، فلم يكن سى السيد، فهو بعيد كل البعض عن سى السيد".