أقف دوما حائرا أمام هذا اللغز العجيب، وهو لماذا يبدع العامل فى ماسبيرو، حينما ينتقل لقناة خاصة، فى حين يلجأ البعض منهم فى "الرعونة" واللا مبالاة حينما يتعلق الأمر بعمل أو "أوردر" خاص بالتليفزيون، بالتأكيد لا يجب التعميم، ولكنها للأسف أصبحت السمة السائدة لأغلب العاملين بهذا الكيان العملاق.
منذ وقوع الخطأ الكارثى الأسبوع الماضى، وإذاعة حوار قديم للرئيس عبد الفتاح السيسي، يعود للعام الماضى، على أساس أنه حوار جديد، ومعركة وهمية دائرة، طرفاها العاملون فى التليفزيون المصرى من ناحية، ومن ناحية أخرى مجموعة من الإعلاميين، والذين ظلوا ينتقدون القيادات، ويصفون المبنى بالترهل.
وما بين الدفاع المستميت عن المبنى والهجوم الشديد عليه يظل البحث عن الحل هو الحلقة المفقودة فى تلك المعادلة الصعبة، فالعاملون فى ماسبيرو رفعوا شعارات مثل "ماسبيرو لحم كتافى من غيره" و"ماسبيرو الذى كان يتمنى الجميع المرور من أمامه"، وإلى آخره من تلك الشعارات الرنانة، وعلى الجهة الأخرى، تبارى مهاجمو ماسبيرو فى رصد كل الأخطاء التى وقع فيها العاملون بالمبنى، وكيف يسيطر الإخوان على المناصب الحساسة فى ماسبيرو.
وهنا لا بد من سؤال: كيف لمبنى يتواجد به عناصر من أفضل القيادات الأمنية فى الدولة، يسيطر عليه الإخوان بكل تلك البساطة والسهولة، وكأن قطاع الأمن قطاعا هامشيا إداريا داخل هذا المبنى، لا دخل فى تلك الشئون، كيف يمكن أن يترك "متهما" مثل الإهمال والتسيب، لمجرد إدعاءات بـ"أخونة" قيادات الصف الثانى والثالث، وهو عكس الواقع تماما، فعقب ما مرت به مصر فى 30 يونيو تبدلت الأوضاع تماما داخل اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأحكم قطاع الأمن سيطرته ورصد جيدا العناصر الإخوانية المعروفة بـ"الإسم"، كما أن تلك الشائعات بأخونة "قيادات التليفزيون"، هى شائعات تفتقد إلى المنطق، فترقية أى موظف، أو تكليفه بأى منصب، يحتاج إلى أن يذهب ملفه الشخصى إلى الجهات الرقابية والإدارية للموافقة عيه، فضلا عن الجهات الأمنية، والتى لا شك يكون لديها المعلومات الكافية عن الملفات الشخصية للمرشحين لأى منصب.
ما حدث فى ماسبيرو لا يتخطى كونه خطأ ولكنه بلا شك خطأ كبير، يحتاج إلى العقوبة الصارمة، وأن يعترف أهل ماسبيرو أنفسهم بأن هناك خللا ما، فالعيش على أطلال المبنى على طريقة "حضارة الـ7000 عام" لم تعد لها فائدة، فجلد الذات هو أفضل طريقة، لعود إعلام الدولة، أو إعلام الشعب كما يحب البعض أن يقول، وعلى القائمين على هذا المبنى العريق، أن ينفضوا "الروتين" من أنهك التليفزيون، بدلا من أن يتفاجأوا أنهم أصبحوا خارج المعادلة الإعلامية فى مصر.