كثير هى الأغانى التى عاشت وشكلت وجداننا، هناك أغانٍ لكبار مطربى الزمن الجميل كما يروق للبعض أن يطلق عليهم، أعشق الكثيرين من رموز هذا الزمن، وأجد لكل واحد منهم مذاقه وتقديره فى نفسى، وحده يقف محمد فوزى فى منطقة خاصة جدًا.. دائمًا ما كنت أحاول أن أفك شفراتها، وأسأل نفسى هل لتمرده لعظمته لرقيه لروحه لشياكته وأناقته أم لطلته البهية التى تأخذ العين والقلب معًا، هل لأنه ظلم كثيرًا فى مشواره؟ هل لرحيله المبكر والموجع ويبدو أننى فى حلقة "صاحبة السعادة" التى قدمتها إسعاد يونس، تمكنت من فك بعض من هذه الشفرات وهو ما جعلنى أصرخ بصوت عالٍ: "فوزى أحببتك يا فوزى" حيث اكتشفت ومن خلال الحكايات التى رواها المطرب محمد الحلو ضيف الحلقة وهى الروايات التى رواها عن الموسيقار البليغ بليغ حمدى والذى اكتشفه الموسيقار وعبقرى الموسيقى محمد فوزى، وعرفت أننى أعشق فوزى لكل الأسباب التى ذكرتها إضافة إلى أنه كان شخصًا نبيلاً لا يعرف الحقد طريقًا إلى قلبه، واثق من موهبته لذلك لم يكن يتردد فى الوقوف بجانب أى موهبة شابة واعدة ويروى بليغ أن فوزى كان ينتظر بفارغ الصبر أن يقدم لحنًا لسيدة الغناء العربى أم كلثوم وبدأ بالفعل العمل على لحن "أنساك" كلمات الشاعر مأمون الشناوى، ولم يتردد فوزى فى إعطاء الكلمات لبليغ ليعمل لحنه الخاص -رغم أنه بدء فى تأليف اللحن- وعندما جاءه بليغ باللحن ذهب به دون تردد لأم كلثوم وأخبرها أن بليغ "عامل حاجة حلوة" وأنه لن يستطيع أن يفعل أكثر مما فعله بليغ وقتها اندهشت الست أم كلثوم ولم تصدق فوزى، والذى أصر على أن تغنى أم كلثوم "أنساك" بلحن بليغ وليس لحنه هو، كثيرة هى القصص التى رواها محمد الحلو عن الفنان والرجل والعبقرى الفذ محمد فوزى نقلاً عن بليغ.. وتأكدت أن سر حبى لفوزى يرجع إلى أنه وسط كل هذه النجومية والشهرة حافظ على آدميته ونبله وأنه لم يكن يعرف سوى الحب يمنحه ويهبه لمن حوله، فوزى لم يكن مجرد ملحن موهوب وفنان شامل، أعماله تبدو وكأنها صُنعت اليوم، وسبق عصره بايقاع سريع ومختلف، وألحان عبقرية، وصوت شقى جميل يصعب تكراره، أو لأنه كان رائدًا للعديد من الألوان الغنائية المختلفة مثل أغنيات الأطفال، صناعة الأسطوانات، الأداء الحركى الراقص وكذلك فن «أكابيلا» والذى قدمه فوزى فى أغنية «كلمنى طمني» لأول وآخر مرة فى مصر.
أغنية فوزى التى شداها ضمن أغنيات فيلم «معجزة السماء»، قدمها دون فرقة موسيقية مكتفيًا فقط بصوت خلفى للكورال فيما يعرف بالأكابيلا، وهو فن استعراضى سمعى يستغنى عن المصاحبة الموسيقية بالآلات ويستعين بدلًا منها بالصوت البشرى من كل الطبقات، وأسس مصنع وشركة مصرفون للأسطوانات والتى أممت ومن بعدها انهار فوزى ومرض.
فوزى أنت المحب المخلص النبيل والذى أعطى كل شىء من روحه.. ولك من أسمك نصيب "فوزى" يعنى النجاح، الظفر بالخير، والنصر وأنت فزت بالقلوب منحتنا الحب وعشان كدا لابد أن أقول لك: "تملى فى قلبى" شكرًا إسعاد يونس وفريق عملها عن حلقة النبيل محمد فوزى.