من مخلفات المصانع للصرف الصحى .. حكاية مرمطة النيل على يد المصريين

كأى شىء لا نعرف قيمته إلا عندما يبدأ بالتسرب من إيدينا، وعلى عكس المصريين القدماء اللذين كانوا يعرفون قيمة نهر النيل جيداً، ويمجدونه، حتى أنهم رمزوا إليه بإله، أطلقوا عليه إسم الإله حابى، وكانوا يتخيلونه رجل جسمه قوى، وله صدر، وبطن ضخمة، رمزاً لإخصابه، ولأنهم كانوا يعتقدون بمزاجية الإله حابى، فى إشارة لمنسوب المياه الذى يتغير وفقاً لمزاجه، كانوا يقدمون له القرابين، والهدايا، حتى أنه كان هناك عيداً يسمى "عيد وفاء النيل"، ولكن ما يحدث حالياً أننا نتعامل مع نهر النيل باعتباره حق مكتسب، وشىء موجود لأبد الأبدين مهما اتركبت أيدينا من أخطاء، وجرائم فى حقه، فانتشر بالأمس خبر عن انخفاض منسوب مياه النيل، مما أثار ذعراً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعى، وربطوا بينه وبين سد النهضة الأثيوبى .. فيما أكد المسؤولون انخفاضه بالفعل، ولكنهم نفوا الربط بين هذا الانخفاض، وبين سد النهضة. ونرصد فى هذا التقرير ممارسات انتهك المصريون النيل من خلالها.

مخالفات للمنشآت الحكومية على نهر النيل صدر تقرير رسمى، الشهر الماضى، لقطاع حماية النيل فى وزارة الموارد المائية والرى، وكشف التقرير عن وجود نصف مليون مخالفة للمنشآت الحكومية على نهر النيل، فيبلغ عدد المخالفات فى القاهرة الكبرى 350 مخالفة، كما كشف التقرير أن معظم هذه المخالفات كانت من أندية تديرها "المحافظات".

إلقاء القمامة فى نهر النيل اعتاد المصريون فى مختلف محافظات مصر على إلقاء القمامة فى نهر النيل، وكل ما يمكنك تخيله يُلقى فى مياه نهر النيل، حتى الحيوانات النافقة، تجد المصريون لا يتدخرون جهداً فى إلقائها، وكأن نهر النيل أصبح سلة قمامة كبيرة، وكان آخرها، الشهر الماضى، فانتشرت صور فى وسائل الإعلام عن طفو حيوانات نافقة والكثير من القمامة على سطح مياه بحر يوسف فى الفيوم. مخلفات المصانع تُعد مخلفات المصانع من أخطر أنواع المخلفات التى تصب فى نهر النيل، فتكون مُحملة بالرصاص، والمعادن الثقيلة، مما يؤثر سلباً على صحة الإنسان، ومما يزيدها خطورة، وكشف تقرير نُشر أمس، عن جهاز شؤون البيئة، أن حجم المخلفات الصناعية التى تُلقى فى مياه النيل، تُقدر بمعدل 150 مليون م3/ سنوياً، وأشار التقرير أن الخطورة تكمن فى أن معظم كميات الصرف يتم معالجتها معالجة مبدأية فقط.

اختلاط مياه الصرف الصحى بمياه النيل وكشف التقرير ذاته أن كمية المياه المصروفة فى نهر النيل، من الصرف الصحى، تبلغ 872 مليون م3/سنوياً، والتى تُقدر بـ 5% من إجمالى كمية الصرف على مياه نهر النيل. إهدار مياه النيل يتعامل المصريون مع نهر النيل بمنطق أنه لن ينضب أبداً، ولذلك تجد ثقافة هدر المياه منتشرة جداً فى مصر، فالكثير من الممارسات اليومية، تُهدر مياه نهر الشرب، ولا تبالى، فكشفت الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، منذ ثلاثة أشهر، أن متوسط حجم الإهدار السنوى من مياه الشرب، تعدى نسبة الـ 30% من إجمالى إنتاج الشركة من المياه، فالشركة تنتج 10 مليارات متر مكعب سنوياً، ويتم إهدار ما يقرب من 3 مليارات متر مكعب سنوياً.