"أول مرة" فى أى شىء يكون لها وقع مميز على القلب، فتُحفر فى الذاكرة فلا ننساها، وتبقى "أول مرة" أصبحت أى سيدة فيها أم، هى لحظة مميزة جداً، فبين الألم والفرحة والترقب والقلق، تولد حياة جديدة، وصفحة بيضاء يخط فيها الأباء ما تعلموه من الحياة، فتبدأ الأمهات ممارسة أمومتهن للمرة الأولى، وهن لا يعلمن: هل ما يشعرن به شعرت به من قبلهن؟، هل ما يفعلنه مع الطفل هو الأمر الصحيح؟، سألنا الأمهات عن ذكرياتهن مع "أول مرة ولادة"، هذا اليوم الذى تولد فيه الفرحة من رحم الألم، وكانت الردود مختلفة وإن تشابهت.
تقول نادية محمود أنها كانت سعيدة للغاية بابنتها، رغم أنه فى الأسبوع الأخير من الحمل، كان لديها فرصة عمل جيدة، بمرتب مغرى، والحمل وموعد الولادة قد أضاعا عليها هذه الفرصة، ورغم أنه لم يتم تسمية إبنتها بالإسم الذى رغبت فيه الأم، لكنها كانت تشعر أن "كل شىء يهون"، مقابل مجىء إبنتها للحياة، "كنت فرحانة جداً .. وخاصة إنها بنت .. كنت حاسة إنها هتبقى صحبتى"، بهذه الكلمات تؤكد "نادية" أنها شعرت ببدء مرحلة جديدة وسعيدة بقدوم ابنتها.
أما "أم عمر" فتحكى أنها كانت تعيش فى السعودية مع زوجها بمفردهما عندما حان وقت الولادة، ولم يكن لديها أى خبرة عن الولادة أو كيفية التعامل مع الأطفال، "نفسيتى كانت وحشة علشان بعدت عن أهلى، فكنت دايماً مكتئبة"، تقول "أم عمر" التى أكدت أنه بسبب عدم خبرتها، فسنها لم يتعدى الـ 22 عاماً، وبسبب بُعدها عن أهلها، أصبح طفلها الأول الذى وصفته بأنه "عانى جداً معاها"، لا يتحدث رغم بلوغه السنتين، واضطرت لبذل مجهود مضاعف معه حتى لا يُصاب بالتوحد، وتنهى الحديث عن تجربتها قائلة: "أى واحدة هتتجوز لازم تفهم إن الجواز مش طبخة وشقه هتتروق .. لازم تعرف يعنى إيه أطفال قبل ما تفكر تجيبهم وتتعلم فيهم".
بينما تتذكر "إيمان نصار" تجربتها مع "أول مرة ولادة" فتقول أنها شعرت أنه "خلاص دخلت على معترك الحياة بجد"، مؤكدة أن أكثر إحساس راودها حينها أن "اللى فات ده كله كوم .. واللى جاى ده كوم تانى"، فأكثر ما كانت تخشاه: إزاى هتعامل مع الطفل ده؟ .. لأنها تشعر أنها لم تكن مهيأة نفسياً أبداً لهذه المرحلة ولتحمل مسؤولية طفل، رغم أن سنها لم يكن صغيراً، وأثناء الولادة تأكدت من أن الأم تتحمل الكثير والكثير.
وتقول سلمى أحمد أنها قبل الولادة كانت تفكر "أولد عند مين ؟" وتفاضل بين الاختيارات التى أمامها، ولكنها تؤكد أن وقت الولادة يكون له حسابات أخرى، فمن الممكن أن تكون الولادة طبيعية رغم أن التشخيص كان أنها قيصرية وهكذا، وتحكى أن ألم الولادة والتعب الذى شعرت به حينها، لا يمكن وصفه بأى شكل فتقول: "كنت واقفة على شعرة .. لا عارفة أكمل .. ولا عارفة أتراجع"، واستمر التعب كذلك حتى بعد الولادة بأيام، مؤكدة أنها كانت تتخيل أنه كما يأتى فى الأفلام، عندما تحمل ابنتها ستشعر بفرح عارم، لكن الحقيقة أنها من كثرة التعب لم تشعر بأى شىء، وكل ما كان يشغل تفكيرها أنها لن تكرر هذه التجربة أبداً، ولم تشعر بالفرحة إلا عندما زال التعب فى اليوم الثالث للولادة، وعلى عكس الولادة الأولى تؤكد أن الثانية كانت أفضل، فالتعب كان أقل، والخبرة كانت أزيد، والفرحة كانت أكثر.
وتؤكد هبة توفيق أنها لم تكن تعرف أن ما يحدث لها "أعراض ولادة"، وعندما تأكدت من جارتها أنها "تولد"، توجهت هى ووالدتها للطبيب .. فاستمرت عملية الولادة لـ 5 ساعات متواصلة .. من الـ 12 ظهراً، وحتى الخامسة مساءاً، فتقول أن الأحاسيس التى شعرت بها من أصعب الأحاسيس التى يمكن لأى شخص أن يشعر بها، خوف، ووجع، وعدم فهم، الكثير من المشاعر راودتها أثناء هذه الساعات، وتتذكر أيضاً أن والدتها كانت تصرخ معها كلما صرخت هى، وعندما تمت الولادة بسلام، وأول ما رأت إبنها قالت: "ده شبه حسن جوزى"، مؤكدة أنها لم تكن تفهم ما يحدث حتى بعد الولادة، فتقول: "كنت عاملة زى العبيطة مش فاهمة ده إيه".