مجلات ميكى وسمير وسوبر فلاش والسندبات وبطوط وأخيراً بلبل كلها مجالات كانت تصدر خصيصاً للطفل المصرى فى زمن فات وجبر، وعلى الرغم من نجاحها وإقبال الأطفال عليها وتعلقهم بها بشكل كبير إلا أنها مثلها مثل أى حاجة حلوة تذهب ولن تعود بدون أى مقدمات أو أسباب أو حتى سابق إنذار.
فبداية من عام 56 أصدرت مجموعة " سمير" الأدبية التى تعد أول مجلة للأطفال فى مصر، ثم توالت المجالات من بعدها " السندباد وميكى صندوق الدنيا، حكايات مدينة البط، علاء الدين و العين الدامية" حتى بداية التسعينات وتلاشت هذه المجالات دون راجعة ليحل مكانها الثورة التكنولوجية والمعلوماتية وتقتحم عالم الطفل وتفقده صفات كالصبر والبحث والخيال.
وفى اليوم العالمى للطفل تسأل "انفراد" أجيال السبعينات والثمانينات عن ذكرياتهم والصفات التى اكتسبوها من هذه المجلدات الثقافية.
" السندبات وسمير كانوا سبب فى حبى للقراءة وأصبحت أكثر قدرة على الصبر " حاول " طارق محمد" الرجل الأربعينى" أن يصف مدى تعلقه بهذه المجلدات ويشير إلى تأثيرها فى تكون شخصيته قائلاً ": قراءة هذه المجلدات وانتظار كل ما هو جديد وترقب الاحداث بشغف فى الأعداد القادمة، نمى لدى حب الاستطلاع والصبر والبحث وراء أهدافى ورغباتى، وهذا ما يفتقده ابنى " مازن" الذى نشأ على " الأى باد " ووجد كل شىء سهل أمامه ولا يحتاج إلى مجهود للبحث عن أى شيء يريده.
بينما قالت " دعاء محمد" كنت أهوى هذه المجلات وخاصة " ميكى" لأنها قدمت أول نموذج للكوميكس فى مصر باللغة العربية، ودائماً ما أبحث عنها لأقدمها لأولادى لكن للأسف هم يجدوا ما يريدونه على مواقع الإنترنت وللأسف أيضًا غالباً الكوميكس والتعليقات تكون خارجة عن الرقابة ولا تناسب أعمارهم، الأمر الذى يجعلنى دائمًا أترحم على هذه الأيام".
فى حين عبر "مجاهد نفادى" عن افتقاد ابنائه لهذه المجلدات قائلا ": كانت هذه المجلدات تفتش عن موهبتنا وتبث بنا بعض القيم والأخلاق من خلال أسلوب أدبى وتربوى رائع، لذلك كنا من الأجيال التى تجيد اللغة العربية، على العكس تمامًا من أجيال الآن التى تعودت على قراءة كلمات الفرانكو والكلمات والمصطلحات الغريبة مثل قشطة وفحت وغيرها من الكلمات التى تكتسبها من عالم السوشيال ميديا".
بينما أكد الطب النفسى على أن أجيال الأى باد والإنترنت تفتقد للموهبة والخيال، حيث قالت الدكتورة " تغريد صالح" استشارى الطب النفسى ": كانت هذه المجلدات تحت رقابة الدولة والجهات الثقافية والأدبية لذلك كانت تقدم محتوى تربوى وأخلاقى قبل كل شىء ومن الممكن أن يتركها الآباء لأطفالهم وهم متطمئنين وواثقين فى المحتوى، لكن الآن للأسف الإنترنت سيطر على الأطفال ولا يمكن تتبع المحتوى أو المواضيع التى تقدم لهم.
مضيفة :"كما أن هذه القصص كانت تمد الطفل بالصبر وتجعله على قدر من الاستعداد للسعى وراء أهدافه وتضاعف مقومات اللغة العربية لديه وتنمى خياله وتثقل موهبته الفنية عن وجدت، بينما "السوشيال ميديا والأى باد" والإنترنت بشكل عام، وسائل تقصر المسافات على الطفل وتجعله يمل البحث والدراسة،كما انها تحوله إلى دمية تحاكى أبطال الأفلام الكرتونية الغربية المقدمة له بعيدا عن ثقافتنا الشرقية".