تعانى الفتاة المصرية منذ القدم من ضغوط كثيرة، ربما تختلف فى ظاهرها، لكن فى الباطن .. تجد تشابه كبير بين القيود التى تكبل الفتيات قديماً، والقيود التى تكبلها الآن .. فما أشبه اليوم بالبارحة .. ولأن السينما تجسد الواقع، نجد الكثير من أفلام السينما المصرية قديماً قد كشفت عن وجوه متمردة للفتيات لم تقبل بواقعها بل حاولت تغييره بكل ما أوتيت من قوة، نستعرض أهمها وأشهرها فى هذا التقرير.
الباب المفتوح ..
من أشهر أفلام السينما المصرية التى عبرت عن الفتاة التى تسعى إلى التخلص من القيود، والتحرر منها .. ففى أول مشاهد الفيلم تُحارب ليلى (فاتن حمامة) العادات والتقاليد، لتشارك فى المظاهرات، فلا يكون من أبيها سوى أن يضربها ضرباً مبرحاً .. ورغم إيمانها الراسخ بمبادئها إلا أنها بتعرضها لصدمة عاطفية تفقد الثقة فى كل ما تؤمن به .. فتعانى صراعاً بين ما كانت تردده دوماً من أفكار وما كانت تؤمن به، وبين ما نسختها التى أضحت عليها .. لكن أفكارها المتمردة تنتصر فى النهاية، ويساعدها على هذه الأفكار مَن تحب (حسين) الذى يرى أنها لابد أن تتحرر، وتنفذ ما تؤمن به، فكان مثالاً للرجل الذى يساند حبيبته لتصل إلى ما تريد .. فيقول لها فى أحد جواباته: "لا أريد منكِ أن تفنى كيانك فى كيانى .. ولا فى كيان أى إنسان، أريد لكِ كيانك الخاص المستقل .. والثقة التى تنبعث من النفس لا من الآخرين، وإذ ذاك فقط تحققين السعادة.
أنا حرة ..
أمينة (لبنى عبدالعزيز)، ترى أن المرأة دوماً مقهورة، ومهزومة، ومسلوب حقها .. فتتمرد، وتحاول أن تقوم بتصرفات مغايرة تماماً لما تنادى به العادات والتقاليد .. ولكنها تصطدم بأفكار عمتها وزوج عمتها، اللذان تعيش معهما لأن أبويها منفصلين، فتناضل للحصول على حريتها بطريقتها، وبالفعل تحصل على حريتها عندما تدخل الجامعة وتعيش مع أبيها الذى يلبى لها كل رغباتها، ويتركها تفعل ما تريد .. لكنها تكتشف أنها ليست سعيدة، وأنها تهرب من قيد لقيد آخر .. فبعد القيود التى كانت تعانى منها فى بيت عمتها .. أصبحت تعانى من قيود أخرى فى عمل يستهلك كل وقتها ويستنفذها، ففى الفيلم فلسفة خاصة لأشكال القيود المختلفة التى تعانى منها الفتاة .. لتقابل فى النهاية جارها عباس، شكرى سرحان، الصحفى والذى أصبح ناشطاً سياسياً ومناضلاَ، والذى يخبرها أن الحرية وسيلة وليست غاية، فتسعى معه للحصول على حرية أكبر .. حرية الوطن.
شىء من الخوف ..
البطلة هنا تتمرد بشكل مختلف .. فتمردها على الظلم .. ظلم مَن تُحب، فتقف فى وجهه فى حين يصمت كل رجال القرية، إلا القليل منهم، ويخشونه سوى هى .. هى فقط من تحررت من الخوف منه، ولم تخشى من أن تُطلق كلمة "لا" فى وجهه.
ففى مشهد عالق فى ذاكرة الجماهير، نجد فؤادة (شادية) تتحدى كل سلطة حبيبها "عتريس"، ومنعه للمياه عن أهل قريته .. لتقف متحدية الجميع، وتقوم بتشغيل الهويس، فتغمر المياه الأرض.
خللى بالك من زوزو ..
زينب عبد الكريم (زوزو) تلك الفتاة المتميزة التى تحصل على المراكز الأولى فى جامعتها، ومع ذلك لا ترحمها نظرة المجتمع .. فتحاول جاهدة أن تتمرد على ظروف المجتمع ونظرته لها، فتتخبط فى هذا الصراع الدائر بين كونها طالبة تحاول أن تجتهد قدر الإمكان .. وبين تلك الفتاة التى تنشأ وترث مهنة الرقص عن أمها .. وعندما يكتشف زملائها تلك الحقيقة، تظهر أمراض المجتمع فيقومون بنشر صور لها وهى راقصة فى كل أنحاء الكلية، وبعد أن تيأس وتشعر بالإحباط، وتعتزل الكلية .. تصل فى النهاية لحالة من الاتساق مع النفس، فتواجه زملائها فى الكلية بأفكارهم العقيمة فى نهاية الفيلم .. الفيلم بأكمله صراع بين قيود المجتمع وأمراضه، وبين هؤلاء اللذين يحاولون الانتصار على هذه الأفكار وتحطيمها.