فى مثل هذه الأيام من كل عام، حين يبدأ فصل الربيع وتورق أشجار التوت، ومع اقتراب إجازة الصيف تداعب خيال الأطفال الأحلام الموسمية بتكوين ثروة صغيرة تغطى نفقاتهم فى الصيف حيث يتوقف مصروف المدرسة.
وفى كل عام يكررون التجربة نفسها، يشترون دود القز مع كومة من ورق التوت، يضعها البائع فى كرتونة غالبًا كانت تخص حذاء، ويسلمها للطفل الذى يحمل كنزه الصغير بين يديه ويسرع به إلى غرفته.
يخفى الصندوق بحرص تحت سريره ويتابعها من وقت لآخر وهو يحلم بالثروة التى ستعود عليه حين ينجح المشروع وتبدأ الدودة فى إنتاج الحرير. هذه القصة والتجربة التى يعرفها كل طفل من مواليد الثمانينيات والتسعينيات والتى كانت تفشل فى كل مرة، ولكنه لا يمل تكرار التجربة.
ويحكى "أحمد متاريك" لـ"انفراد": "فى إطار رحلة البحث عن الذات، وإنى أبقى مليونير قبل ما أوصل ثانوى، كنت عاوز أعمل مشروع يخلينى غنى بسرعة، فصاحبى أقنعنى إننا نجيب دود قز يطلعلنا خيوط حرير نبيعها ونكسب من وراها الشهد.
مش فاكر بالظبط جبناها منين بس المهم إنى جبتلها علبة جزم وربينا فيها الدود وكل شوية كنا بنأكله ورق شجر وتقريبًا ورق توت وصرفت عليها دم قلبى نصف المصروف يوميًاوقلت خلاص هخربها على آخر الصيف.
الدودة بدأت تكبر شوية بشوية لحدما اتحوصلت وعملت على نفسها شرنقة، الواحدة بقت شبه الكراتيه صاحبى قالى طبيعى مسيرهم يطلعوا ويفكوا، أستنى.. يوم اتنين تلاتة، الإجازة هتخلص وهما مفكوش.
اكتشفت فى الآخر إنهم ماتوا عشان معملتلهمش أخرام تهوية مناسبة فى سقف علبة الجزم.. وأفلست بقى وتلاشت أحلامى المالية وقاطعت صاحبى خالص".
من الاستيكرز لـ"اللوليتا".. مشاريع ابتدائى فى التسعينات
"دود القز" لم يكن المشروع الوحيد الذى جربه أطفال هذا الجيل، فتحكى ولاء عبدالمنعم (32 عامًا) لـ"انفراد": "أنا عملت مشروع الاستيكرز.. بس طبعًا فشل".
وتضيف "كنا بنجيب الاستيكرز اللى هى ورقة كبيرة كاملة، ونقعد نفرغها ونبيعها واحدة بواحدة، ونبيع الواحدة بشلن، ولو كبيرة ببريزة".
المشروع الذى فشل مع "ولاء" لم يكن كذلك مع زملائها فتقول "أنا عملتها عشان لقيت ناس تانية بتعملها فقلت أنافسهم، لأنهم كانوا بيبيعوا والناس بتاخد منهم فقلت اشمعنى انا، بس انا فشلت عشان كنت بتكسف أبيع وكنت بديها لزمايلى من غير فلوس".
فى تلك الفترة لم يكن هذا هو المشروع الوحيد، فبعض زملائها دشنوا مشروعًا آخر وهو "اللوليتا" وتحكى "كان فى ناس تانية عاملة مشاريع اللوليتا، بتعملها من الماية ولون صناعى ويتلجوها فى كيس صغير ويبيعوها".
"بودرة العفاريت".. مشروع أكل "مى" الشهد
أما "مى عبدالله" (30 عامًا) فبدأت مشروع "بودرة العفاريت" وتقول "كنت ببيعه لكل المدرسة، بدأت الأول باصحابى وانتشرت بعدها، بس المشروع وقف لما واحدة حدفت البودرة فى عين زميلتها وقالت إنى أنا اللى بعملها والمدير استدعانى وكانت مشكلة".
كانت "مى" تصنع البودرة بنفسها وتقول "كنت بعملها من الطباشير مع أستيكة أفتتها وبرى قلم رصاص وشوية شطة وفلفل أسود، وكنت ببيع الكيس بنص جنيه، وكنت بكسب كويس وقتها لأنى كنت بصرف فلوس كتير اوى على الحلويات".
مشاريع "الهاند ميد".. من كروت المعايدة للاسكوبى دو
وجرب "أحمد سعيد" مشروعًا آخر هو "كروت هاند ميد" ويحكى "كنت بعمل كروت معايدة هاند ميد وعرضت شغلى على بعض المستثمرين اللى تقريبًا ما اقتنعوش بيه"، واستطرد "المستثمرين دول كانوا مكتبة تحت البيت".
وخاضت "إيمان مغربى" مع شقيقها تجربة أخرى، تقول "كنت فى ثانوى وهو فى ابتدائى، وساعتها ظهرت موضة ميداليات الاسكوبى دو، كان الخيطين منها بربع جنيه، فهو كان بيشتريهم وأنا اعملهم وكان بيبيعهم للفصل وما اعترفليش إنه كان بيخمنى غير دلوقتى، كان بيبيعهم من نص جنيه لجنيه ونص حسب الشكل، واستمر المشروع لحد ما ماما عرفت وقفشتنا".
"الفول النابت" مشروع ما بعد درس النبات
أما عن المشاريع غير الربحية فحدث ولا حرج، تحكى "داليا رشوان" "لما أخدنا فى العلوم درس النبات، واتعلمنا إزاى نخلى الفول يزرع فى القطن تخيلت إنى هعمل مصنع فول مثلاً، بس جربتها ورميتها فى الزبالة بعد أسبوعين".
"دعاء" عملت "كافيتريا" فوق السطوح.. والخدمات ليمون وسندوتشات
المشروع الناجح الوحيد كان الخاص بدعاء الشافعى التى تحكى "عملنا كافيتريا فى بيت جدى على السطوح، وكنا بناخد الفلوس من ولاد خالى التانيين"، وتوضح "كنا بنعمل عصير ليمون وسندوتشات جنبه، وعملنا شبه قعدة عربى كدا حلوة على السطوح وقلنا لهم هاتوا اصحابكوا وتعالوا.
وعبدالله (ابن خالى) كان بيزرع نعناع وملوخية فى الجنينة ويبيعها لمامته، وفكرت أعمل مشروع تانى أبيع لهم فيشار وبدأت المشروع بس بابا قالى وزعيهم ببلاش فأحبطنى".