قالوا قديماً أن "الغربة كربة"، فالمغترب بالإضافة إلى معاناته والمشاكل التى يواجهها وحيداً، كقشة تقف فى مهب الريح، إلا أنه تجده ينظر للأشياء بشكل يختلف كثيراً عن نظرة الشخص الذى يعيش مع أهله، فهو يشعر أن كل شىء محروم منه هو "نعمة" لا يعرف قيمتها من هو مع أهله، أشياء كثيرة يحن إليها ويفتقدها، فقال محمود درويش من قبل "أحن إلى خبز أمى، وقهوة أمى، وأعشق عمرى لأنى إذا مت أخجل من دمع أمى"، ولأن ما يفتقده المغترب كثيراً، سألنا المغتربين عن أكثر ما يفتقدونه، واختلفت الإجابات.
يقول "حسين"، متزوج ومغترب فى السعودية منذ سنة ونصف، أنه يفتقد "الحياة" بأكملها، فيشعر أن أيامه فى الغربة ليست محسوبة من عمره، فيقول: "تقدرى تقولى إنى عايش ومش عايش، مفيش حاجة لها طعم، لا أكل، ولا شرب، وبحلم بكوابيس طول الوقت، وبنتظر طول الوقت الأيام تعدى بسرعة، عشان أنزل، وناسى إنها من عمرى".
أما ما تفتقده "سارة" فى الغربة فهو "سريرها ومكتبتها" فتقول: "مفتقدة أوضتى وبشكل خاص سريرى السفنج والمكتبة، سواء كمكتبة خشب أو ككتب يعنى لأنى ماعنديش هنا مكتبة فكتبي متبهدلة وكمان ماعنديش الكتب اللى بحبها، وبحاول عشان أقلل إحساسى بالغربة أخد كل مرة حبة كتب من البيت".
"أكتر حاجة بفتقدها فى الغربة .. عيالى" هذا ما قاله محمود، المغترب فى السعودية، فيستطرد كلامه قائلاً: "أنا سافرت قبل مااخلف، مكنتش بتعب كده، آه كنت بفتقد أهلى لكن مكنتش بتأثر للدرجة دى، فالغربة بالنسبة لى قبر بيتدفن فيه الواحد فترة من الزمن".
أما "داليا"، متزوجة، فتقول أنها تفتقد أهلها وبالتحديد أختها الكبرى، لارتباطها الكبير بها، فقبل أن تسافر أو تبتعد عنها، اعتادت دوماً رؤيتها، لكنها بحكم الغربة لا تراها كثيراً، ومعظم الوقت تشعر بحنين إليها.
"أهلى .. والأكل البيتى" كان هذا رد "محمد"، الذى يعمل بمحافظة بعيداً عن محافظته، عند سؤاله عن أكثر ما يفتقده فى الغربة، فيقول أنه يحن إلى أهله (عيالى، ومراتى)، كما أنه يعانى من تناوله للوجبات السريعة، فيفتقد "الأكل البيتى"، فيقول: "باكل طول الوقت أكل من اللى بينشف المعدة".