هل تعلم أن الملامسة المباشرة للجلد بين الأم وطفلها بعد ولادته تؤثر بشكل كبير على ضبط النفس ودرجة حرارة جسمه، واستقرار نبضه وتقلل نسبة الكورتيزون المرتفعة لديه؟
على الرغم من أن العديد من الدراسات أثبتت أهمية "ملامسة الجلد للجلد" أو Skin-to-skin contact بين الأم وطفلها مباشرة بعد الولادة تحصن الطفل من البكتيريا وتضبط نسبة السكر فى الدم، إلا أن هذه الممارسة ليست معممة فى المستشفيات بمصر ومن يقوم بها هم استشاريون طب الأطفال والرضاعة الطبيعية بشكل فردى.
فعقب الولادة وبعد خروج الطفل من رحم الأم إلى عالمه الجديد الذى يختلف درجة حرارته عما كان عليه داخل الرحم لمدة 9 أشهر أو أقل، تقوم الطبيبة بوضع الرضيع على جسد الأم العلوى بشرط ألا يكون هناك أية حواجز لتتحقق الملامسة المباشرة للجلد وتلف الأم وابنها بغطاء وذلك يكون خلال الساعات الأولى من الولادة، حسبما صرحت دكتورة نهى أبو الوفا، استشارى طب الأطفال لـ"انفراد".
وتُعرف هذه الملامسة بالـ Kangaroo care لأنها تشبه احتضان أنثى الكنغر لصغيرها داخل الجراب الذى تملكه فى بطنها لفترة طويلة بعد الولادة.
وتقول الدكتورة "أبو الوفا" إن الملامسة المباشرة بين الأم وطفلها عقب الخروج من غرفة العمليات وحتى قبل تنظيف جسد الطفل "يساعد على تقوية مناعة الطفل من خلال البكتيريا التى تصله من جسم الأم والتى تحصنه من الكثير من الأمراض كما يقلل التلامس من بكاءه وتوتره بعد الولادة".
وتساعد الملامسة المباشرة للجلد - من خلال نوم الطفل فوق جسد الأم - على سهولة وصول وتعرُّف الطفل على الثدى للرضاعة الطبيعية.
وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الساعات الأولى من الولادة هى تجربة تحدث مرة واحد فى العمر يجب أن تستمتع بها الأم إلا فى حالات عدم مقدرتها والطفل لأسباب صحية.
وقد نشرت منظمة اليونيسيف على موقعها الإلكترونى عدة دراسات عن أهمية ملامسة الجلد بين الأم وطفلها مباشرًة بعد الولادة، ومنها دراسة توصلت فيها إلى أهمية الممارسة فى نمو وزن الأطفال الرضَّع ذوى الوزن القليل وفى تحسين الاعتماد على الرضاعة الطبيعية وتقبل الطفل لها.
وقد أوضحت دكتورة "أبو الوفا" أن ملامسة الجلد والرضاعة الطبيعية ينتج عنهما فرز هرمون يساعد على انقباض الرحم وقنوات الحليب عند الأم مما يزيد من كمية اللبن التى يأخذها الطفل إلى جانب شعوره بالسعادة والاتزان وتقليل شعور الأم باكتئاب ما بعد الولادة.
وأضافت أن أطباء الأطفال يلاحظون أن الرضيع داخل الحضانات يقترب من الزجاج فى محاولة للمس أى جسم، مشيرة إلى أهمية ممارسة "ملامسة الجلد" والتى تنفذ بشكل كبير فى دول العالم.
ومن جانبها صرحت دكتورة شيرين الجيار، استشارى أطفال وتغذية علاجية ورضاعة طبيعية بمستشفيات جامعة القاهرة أن ممارسة "ملامسة الجلد" غير منتشرة فى مصر لنقص المعرفة بها، لذلك تقوم "الجيار" بنفسها بتدريب الأم عليها "بدلًا من ارسال الطفل إلى غرفة الأطفال، لأنه فى الساعات الأولى يكون واعى، ويساعد التلامس على تهدئته ودعمه نفسيًا بعد ضغط الولادة".
وفى تصريح لها لـ"انفراد"، قالت دكتورة "الجيار" إنه تتم الاستعانة فى الخارج بالأب والأبناء فى أوقات كثيرة للاندماج فى "ملامسة الجلد" مع الرضيع فى حالة مرض الأم أو وفاتها، "مما يعطى الطفل نفس الشعور بالدفء والاستقرار مثل الأم.
ونشرت الشهر الماضى مؤسسة Nino Birth- التى تقدم معلومات أساسية عن كيف يجب أن تكون الولادة وتدعم ملامسة الجلد بين الأم والرضيع- على صفحتها على الفيسبوك صورة لأب وابنه يحملان توأمين لم يكتمل نموهما فى السويد مما لاقى رد فعل قوى من متابعى الصفحة.
وقام "انفراد" بالتواصل عبر الإيميل مع المؤسسة – والتى يقع مقرها فى جنوب أفريقيا - والتى أشارت إلى أن مهمتها هى توعية جميع مرافق الأمومة عن حقيقة أهمية التلامس الجلدى بين الأم والطفل والذى يعتبر كما صرحت "أفضل بكثير من الرعاية داخل الحضانات" حتى فى بعض حالات الأطفال المبسترين.
وأضافت المؤسسة أنها "متحمسة جدًا بعد أن حصلت على منحة من مؤسسة بيل جيتس لعمل دراسات فى ذلك الصدد"، مشيرة إلى أنهم قاموا ببعض الدراسات فى بعض الدول النامية.
وأطلقت اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية عام 1991 مبادرة تحت اسم "المستشفيات صديقة الطفل" أو Baby Friendly Hospitals وهى ضمن جهود دولية لتحسين دور خدمات الأمومة لتمكين الأمهات من إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية.
وفى ذلك الشأن، أوضحت دكتورة "الجيار" أن هناك اشتراطات لتلك المستشفيات التى تحصل على شهادة تثبت أنها "صديقة للطفل" مثل طاقم تمريض مدرب على تطبيق "تلامس الجلد بين الأم ووليدها" وعدم استخدام اللبن الصناعى، مضيفة أنه فى حالات عدم إمكانية الرضاعة، يتم توصيل لبن الأم حتى وإن كانت فى "سرنجة".