"الناس موتى وأهل العلم أحياء".. مقولة لم تأت من فراغ، ولكنها تنطبق على فئة ضئيلة رفعت اسم مصر عاليا فى المحافل الدولية، فقليلون من يُسطر اسمهم فى التاريخ، وقليلون من يتذكرهم الأحياء بالرحمة، وقليلون من يغادرون الحياة تاركين خلفهم بصمة يتوارثها الأجيال، وتلك النماذج ليست بقليلة فى مصر على مر العصور، حتى جاء آخرها وفاة العالم الدكتور أحمد زويل، الذى أبهر العالم بعلمه وذكائه، ورغم أنه لم يعش فى مصر كثيرا إلا أنه لم ينس يوما مصريته، وحافظ عليها بل رفع اسمها عاليا فى دول العالم ليصبح شرفا لمصر واسما محفورا فى التاريخ.
ماذا أعطى زويل لمصر؟
فمنذ عام 1974 غادر "زويل" مصر وبدأ رحلته العلمية حتى حصل على جائزة نوبل فى الكيمياء عام 1999، وعلى الرغم من أنه استكمل دراسته فى الخارج وبدأ يبحث عن مشواره العلمى إلا أنه لم ينس بلده الأم، ومن هنا تعرض الدكتور أحمد زويل لانتقادات عديدة، حيث رأى البعض أنه لم يقدم شيئا لمصر ولم تستفد من إنجازاته وباع علمه وعبقريته للخارج، ولكن أغفل البعض أن الإمكانيات والظروف التى أتيحت لزويل فى الخارج مكنته أكثر من النجاح وهى غير المتوفرة فى مصر، ولكنه صمم على نشر علمه فى بلده وأنشأ مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا كى يضمن تخريج أجيال قادرة على رفعة اسم وطنها بالعلم والمعرفة.
إذن ماذا قدمت مصر لزويل؟
ويأتى هنا السؤال.. ماذا أعطت مصر لزويل مقابل ذلك؟.. فلم تغفل الدولة المصرية ابنها العالم الذى تركها من أجل مصلحتها، وحرصت على تقديره وتكريمه، فقد تم منحه عدة جوائز مصرية منها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك فى عام 1995، كما حصل أيضا على قلادة النيل العظمى وهى أعلى وسام مصرى، والتى منحها له الرئيس الأسبق مبارك فى اليوم التالى لحصوله على جائزة نوبل، فى الحادى عشر من ديسمبر عام 1999، وتسلمها فى احتفال مهيب عقب أول زيارة لمصر بعد حصوله على الجائزة العالمية، ومنحته أيضاً جامعة الإسكندرية الدكتوراه الفخرية وتم إطلاق اسمه على صالون الأوبرا.
ميادين زويل
كما تم إطلاق اسمه على عدد من الشوارع منها شارع أحمد زويل بالجيزة، وميدان باسمه بدمنهور – مسقط رأسه - بمدينة دسوق التى عاش بها، وسمى بهذا الاسم بعد حصوله على جائزة نوبل، بالإضافة الى ميدان أحمد زويل بالإسكندرية، وتدرس المحافظة حاليا إنشاء تمثال نحتى للعالم الراحل بذلك الميدان.
نصب تذكارى
كما تم إنشاء نصب تذكارى ضم رؤساء مصر ومعهم بعض الشخصيات التى شرفت اسم مصر فى المحافل الدولية، وكان زويل ضمنها.
طابع بريد بصورة زويل
كما أصدرت هيئة البريد طابعين بريد باسمه وصورته، حيث أصدرت هيئة البريد أربعة طوابع مختلفة احتفالا وتكريماً، للعالم أحمد زويل، ففى عام 1998، تم إصدار ثلاثة طوابع فئة عشرين قرش، وجنيه مصرى، وجنيه وربع مصرى، بمناسبة حصول العالم الكبير على جائزة فرانكلين ومنحه الوسام المعروف باسم "وسام بنجامين فرنكلن"، وهى جائزة تمنح فى مجالات العلوم والهندسة من قِبل معهد فرانكلين فى فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
جنازة عسكرية
وبعد وفاته لم تغقفل مصر ابنها أيضا، وأقيمت له جنازة عسكرية، كنوع من التقدير، حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومن المقرر إقامة جنازة شعبية فى وقت لاحق تنطلق من جامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا التى أسسها الراحل يتقدمها أسرة زويل ويشارك فيها أصدقاؤه وتلاميذه.