وكأنما يؤلمها جرحه أكثر من آلام الورم، أرسلت رسالة لا تخلو من جرح واضح، شرحت فيها اكتشافها مؤخراً لورم سرطانى فى الثدى لتنضم به لصفوف المقاتلات لهذا المرض الشرس.
أرسلت تقول : اكشتفت أنى مصابة بسرطان الثدى، أنا متزوجة منذ 5 أعوام، ولدى طفلين، حالتنا المادية ميسورة بشكل كبير، وزوجى لديه شركة خاصة، لم أكن أتخيل أن محطة المرض هى المحطة التى ستفرقنا فى نهاية الرحلة، بمجرد اكتشافى للمرض بحثت فى عينيه عن نظرة معينة لم أجدها، فما بين الدهشة، الصدمة والتعاطف لم ألتقط فى عينيه نظرة الدعم.
مرت الأيام التى تخللتا مئات التحاليل والأشعة، وجدته خلالها غريباً، متردداً، صامتاً أغلب الوقت، حتى بدأت مرحلة العلاج الكيميائى، بدأ شعرى فى التساقط، وبدأت حالتى فى التدهور، لأجده فى صباح أحد الأيام راحلاً بهدوء معلناً أنه لن يتمكن من الاستمرار، لم أعد أعلم تحديداً السبب الأقوى الذى قد ينهى حياتى، اهو المرض، ام الهجر المفاجئ الصادم ؟
التعليق على الحكاية..
لن يقتلك المرض، أو الهجر، ما قد يقتلك حقيقة هو ضعفك أمام الاثنين، أنت اليوم امرأة صاحبة ابتلاء، تعيشه المئات غيرك من النساء، يحتاج منك الأمر للقوة المفرطة لمواجهته، يحتاج منكِ الأمر لجمع كل ما بداخلك من تشبث بالحياة للاستمرار.
ما فعله زوجك أقسى من اكتشاف المرض، ولكن ما عليكِ أنت فعله هو تجاوز هذا الجرح، لمواجهة ما هو أصعب، اللوم والعتاب والحزن على ما مضى لن يفيدك اليوم وأنتِ أمام تحد صعب، لقد حزم أمره، واختار قراره النهائى، لا تسمحى له بكتابة الفصل النهائى فى الرواية، فأنت من يملك حق كتابتها.
ربما كان السبب الحقيقى وراء ابتلائك هو اكتشاف الابتلاء الأصعب فى حياتك الزوجية التى انهارت مع الاختبار الأول، دخلت الحياة الزوجية تحلمين بالسند والدعم وقت الشدة، وهو ما لم يتمكن شريك حياتك من تقديمه، عليكِ اليوم معرفة حقيقة هذه العلاقة الأشبه بقمة جبل جليدى صغيرة تظهر من فوق المياه، بينما يخفى المحيط قاعدة الجبل العملاقة أسفل السطح.
اتركى جرحك جانباً ، وامتنى للمرض الذى كشف لكِ حقيقة هذا الزواج، لا تحتاجى اليوم لدعمه، كل ما تحتاجينه هو قوتك الداخلية، اتركى جرحه جانباً فانتِ أمام التحدى الأصعب، واجهى المرض بقوة، واحتضنى طفليك، وتمسكى بالحياة لأجلهما، اخرجى من معركة السرطان منتصرة وتملكى زمام قلبك بقوة لم تظهر سوى بظهور المرض.