إذا كانت الرحلة بين محطات مترو الأنفاق طقسًا ثابتًا فى حياتك اليومية فأنت تعرف بالتأكيد ذلك السكون الطويل الذى لا يقطعه سوى صفارة تنبيه من وقتٍ لآخر يليها صوت وصول أحد القطارات وتلك الخربشة الخفيفة التى تسبق صوت أحد موظفى المترو الذى يعلن تنبيهًا ما أو يطلب صاحب اسم بعينه للحضور إلى مكتب الإدارة. هذا الملل والصمت الطويل فى المترو لن تعرفه بعد اليوم إذا استخدمت المترو فى أى وقتٍ بين السابعة صباحًا وحتى منتصف الليل ستتعرف إلى "كيميت" أول محطة راديو مخصصة لركاب المترو.
وبعد 12 يومًا من البث التجريبى فى يوم 6 أكتوبر ينطلق غدًا الأربعاء البث الرسمى للمحطة التى تحكى "هبة عبيد" مدير العلاقات العامة بها عن فكرتها: فكرة المحطة عمرها أكثر من عامين تقريبًا حين فكر المهندس تامر شعلان مؤسسها ومديرها فى طريقة لاستغلال شبكة الاتصالات الداخلية فى محطة المترو التى لا تستخدم إلا فى التنويه عن حركة القطارات أو أى أمر طارئ، فأحب أن يستغل الفكرة فى شيء مفيد للناس ويذكرهم بكل ما نسوه من تراث مصر وتاريخها، فتواصل مع هيئة المترو وبدأت الرحلة.
خلال عامين ونصف تقريبًا عمل "شعلان" على محاولات إقناع هيئة المترو بالفكرة، وحسب "هبة" فقد واجه "عقبات بسيطة" ككل فكرة جديدة تعانى مع الروتين وعدم فهم الفكرة والتخوف منها ولكن إصراره وإيمانه بالفكرة جعلوه ينفذها أخيرًا.
وتقول مسؤول العلاقات العامة بالمحطة "منذ زمن طويل الراديو مرتبط دائمًا بالمواصلات، كالسيارة والأتوبيس فلمَ لا تكون هناك وسيلة لتوصيل الراديو للمترو بما أن هناك وسيلة مواصلات ثالثة يركبها الملايين يوميًا".
وتضيف: تعمل المحطة بشكل مبدأى على الرصيف ولكنها قريبًا جدًا ستبث داخل عربات المترو، ويبدأ البث يوميًا من السابعة صباحًا وحتى منتصف الليل.
اسم "كيميت" والذى يعنى "أرض مصر الخصبة الخضراء" يكشف الكثير عن فكرتها التى تهدف إلى تأصيل الهوية المصرية وتوعية المصريين بتاريخ وتراث بلدهم بالإضافة إلى إمتاعهم وإفادتهم فى الوقت نفسه.
وتتنوع البرامج بين الكوميدى فى "ضحكة على المحطة" والتاريخى "مصر التى لا تعرفونها" الذى يقدمه دكتور وسيم السيسى عالم المصريات، وبرامج للمرأة مثل "ست ستات" الذى يستعرض النماذج الناجحة للمرأة المصرية، والرياضة فى "أبطال الظل" الذى يتحدث عن الأبطال الأولمبيين الذين لا يعرفهم أحد.
تقدم المحطة أيضًا برنامج "يلا اقتصاد" لشرح وتبسيط المصطلحات الاقتصادية المعقدة لرجل الشارع وبرنامج فنى عن فرق الأندرجراوند، وهناك برنامج يستهدف الشباب بشكل خاص باسم "متقعدش على القهوة" والذى يعلمهم بأخبار الكورسات والمنح الدراسية وفرص العمل المتاحة فضلاً عن برامج للتراث والفلكلور مثل "حكاوى الصعيد" و"طعم مصر".
هذا المجهود الضخم والعمل الدؤوب من أجل إخراج محطة راديو ممتعة وشيقة ومفيدة أيضًا وراءه العشرات من الأشخاص المتطوعين جميعًا من أجل الفكرة التى يؤمنون بها كثيرًا، وتقول "هبة": عددنا فى المحطة كبير ولكن الفريق الأساسى لها يتضمن 14 شخصًا متطوعين جميعًا ونعمل دون أجر من أجل فكرة نؤمن بها، بعضنا يعمل بالراديو إلى جانب عمله والبعض متفرغ تمامًا له.