التراث الشعبي لأي دولة هو اكثر ما يميز حضارتها علي مر العصور، والتراث الشعبي المصري يتربع علية فن "التنورة"، حيث انها تجمع بين الفن والفلسفة و التراث، ففكرة التنورة رغم بساطتها الي أنها تعبر عن مدي التفكير والتأمل في ابعاد الكون مما يدل علي عمق هذا الفن وابداعة.
ويحكي أن اصل التنورة تركي حيث بدا هذا الفن في "تركيا" فكان الشكل الاصلي للتنورة هو طبقة واحدة من اللون الأبيض، ولكن عندما اتت الي مصر اخذها المصريون وقاموا بتطويرها فادخلوا عليها الالوان والدفوف والفوانيس، حيث كان الشكل الاصلي للتنورة في هو طبقة واحدة من اللون الابيض.
وترجع حكاية التنورة الي التكية حيث كان لكل شيخ او امير طريقة صوفية ينشئ بها تكية خاصة به، وهي عبارة عن مكان لاستضافة الفقراء وعابري السبيل والدراويش ، وكانت تقام بداخلها حلقات للذكر علي الطريقة الصوفية، وكان من اشهرهم تكية جلال الدين الرمي في (القونية) حيث كانت حلقة الذكر بداخلها لا تقل عن اربعين درويشا يرتدون ملابس بألوان متعددة، وكانت تبدأ حلقات الذكر بترديد لفظ الجلالة ويقوموا بالانحناء وتحريك أجسامهم ثم يأتي رجل في منتصف الحلقة ويرفع يدية ويدور حول نفسه بسرعة متلاحقة لمدة حوالي عشر دقائق فتنتشر ملابسة "التنورة" الا ان تصبح مثل المظلة ثم ينحي في النهاية امام شيخ الحلقة، ومن هنا كانت بداية ظهور فن التنورة .
ثم انتقل الي مصر في العصر الفاطمي فقاموا بتطورها من حيث اضافة الالوان المبهجة لها، وادخال الانغام الموسيقية عليها مثل الدفوف والمزمار والصاجات والطبلة بالإضافة لاغاني الابتهالات الدينية.
والجدير بالذكر أن التنورة لم تكن رقصة فقط بل تحمل بين طياتها فلسفة خاصة للحياة فدوران الشخص حول نفسه تنبع من فكرة دوران الكون والأرض وكأنة يعبرعن دورة الحياة، والدوران عكس عقارب الساعة يعبر عن الدوران حول الكعبة، ولذلك التنورة رمز من رموز الصوفية والتأمل الديني.