خبر سعيد استقبله عشاق سلسلة روايات "ما وراء الطبيعة" قبل ساعات حين أعلن المخرج عمرو سلامة اتفاقه مع الدكتور أحمد خالد توفيق، مؤلف السلسلة، تحويلها إلى مسلسل تليفزيونى يعرض خارج سباق دراما رمضان.
فرحة عشاق "ما وراء الطبيعة" بالخبر تجاوزت تحول عملهم المفضل إلى مسلسل، بل تضاعفت لفرحتهم بتحقق هذا الحلم القديم لكاتبهم المفضل.
24 عامًا من الكتابة رأى نفسه طوالها "مجرد شخص يحاول تقديم حاجة مسلية"، كما قال فى إحدى المقابلات الصحفية، بينما رأته خلالها عدة أجيال أسطورة وحالة أدبية خاصة، ومنحوه عن طيب خاطر لقب "العراب".
ومنذ انضم الدكتور "أحمد خالد توفيق" إلى صفوف المؤسسة العربية الحديثة عام 1992، وقدم أول روايات سلسلته الأشهر "ما وراء الطبيعة" قدم ما يقرب من 300 رواية فى عدة سلاسل، من أبرزها "سفارى" و"فانتازيا"، إلى جانب العديد من الكتب المتنوعة بين كتب تحمل مقولات قصيرة "قصاصات صالحة للحرق" وكتب مقالات كـ"زغازيغ" و"فقاقيع"، بالإضافة إلى مجموعات قصصية مثل "الآن نفتح الصندوق" و"الآن أفهم".
كما قدم العديد من الروايات الأدبية بدأت بـ"يوتوبيا"، مرورًا بـ"السنجة" فى 2012، و"مثل إيكاروس" الصادرة عن دار الشروق وحصلت على جائزة أفضل رواية بمعرض الشارقة للكتاب قبل أيام.
ورغم هذه النجاحات الكبيرة التى حققها الدكتور أحمد خالد توفيق فى مجال الأدب، لا تزال هناك أحلامًا فى جعبة العراب لم تتحقق بعد، بعضها لا يمكن أن يتحقق الآن، وبعضها لا يزال قيد المحاولة.
حلم السينما
عشق كبير يكنه "أحمد خالد توفيق" للسينما، لا يتضح فقط فى مقالاته المتعددة عن السينما والتى تكشف عن اطلاع واسع ومتابعة جيدة لها، وإنما انطبعت على أسلوبه فى الكتابة الذى يقترب كثيرًا من السيناريو.
وقال فى مقابلة صحفية سابقة إنه يرى "السينما أرقى الفنون وأفضلهم قيمة، هناك مشاهد لا يمكن لأى قلم أن يستطيع تجسيدها، وهناك أصوات وانطباعات يصعب أن تكتب".
وأضاف "اعتقد أن السينما هى التطور الطبيعى لمن يكتب وفكرة الكتابة للسينما تروادنى دائما بل أن قراءتى فى فن السيناريو اكثر من قراءتى الأدبية".
وقال فى مقابلة أخرى "ربما كتبت ورسمت لأننى لا أملك كاميرا سينمائية".
وبعد أن نقل "العراب" حلمى الدراما والسينما من خانة "الأحلام الملغاة" التى كان يتوقع ألا "تتسع لها بقية العمر"، بدأ عدة محاولات فعلية لتحويل أعماله الأدبية إلى أعمال سينمائية.
بلغ عدد هذه المحاولات 10 كما كشف فى مقابلة تلفزيونية مع "البى بى سى" ولكن المشاريع كانت تتوقف لأسباب غير واضحة، إلا إنه يرجح أن الأسباب هى "وجود لوبى بعينه فى الوسط الفنى لا يمكن لأحد أن يدخله إلا من خلاله".
وهو ما يجعل الكثير يتساءلون، ربما بما فيهم أحمد خالد توفيق نفسه، هل يتحقق الحلم أخيرًا بمسلسل لـ"ما وراء الطبيعة" أم أن هذه المحاولة ستلحق بالمحاولات السابقة.
رواية "أيام الشهاب الأولى"
منذ العام 1996 شرع الدكتور "أحمد خالد توفيق" فى كتابة روايته "أيام الشهاب الأولى"، والتى تحدث فى مقابلات صحفية عن أنه يكتبها بتردد شديد لدرجة أنه يكتب منها سطرين أو ثلاثة كل أسبوع.
ونوه "توفيق" عن الرواية مرارًا، وطالت محاولات كتابتها لمدة زادت عن 12 عامًا، إلا أنها انتقلت إلى خانة المشاريع التى لن تتم أبدًا حيث كتب "توفيق": "لما بدأت الرواية تتخذ كيانا ملموسا فوجئت برواية (الطوف الحجرى) لساراماجو التى تحكى نفس الحبكة تقريبا، ولو أنهيت روايتى فمن المستحيل أن يصدق أحد أننى لم أسرقها من ساراماجو. هكذا تخلصت من روايتى آسفا، وإن سرّنى أن فكرة لى اقتربت من أفكار هذا الأديب العظيم".
كتابة الشعر
إذا كنت متابعًا جيدًا للدكتور أحمد خالد توفيق، فأنت تعرف بالتأكيد بيت الشعر هذا "كنت أذوب من الأشواق ..أذوب وكانت أنهارى" من القصيدة التى لم تتم أبدًا، وقال عنها فى كتابه "قصاصات صالحة للحرق": "كنت أتمنى استكمال هذه القصيدة منذ كان عمرى عشرين عاماً، كانت مسألة وقت وإلهام، اليوم صار هذا مستحيلاً، لم أعد أملك الموهبة ولا السعة النفسية اللازمتين لهذا".
وتعليقًا على محاولاته وتجاربه الشعرية التى توقفت عام 1989 كتب "توفيق" فى مقال له "لى تجارب شعرية كثيرة توقفت عنها منذ عشرين عامًا لحسن حظ اللغة العربية.. اكتشفت أمل دنقل وصلاح عبد الصبور فوجدت أنهما يكتبان بالنيابة عنى لذا قررت أن أصمت.. لا أعرف السبب لكن شعراء العامية (بيرم التونسى، فؤاد حداد ، الحريرى، الأبنودى، جاهين، فؤاد نجم) استطاعوا الوصول لذلك المعنى المراوغ للشعر أسرع وأفضل من شعراء الفصحى".
وأضاف فى مقال آخر "عام 1989 قررت أن أكف عن كتابة الشعر نهائيًا. وكان ما اكتشفته فى سن متقدمة نسبيًا هو أنه ليس على الجميع أن يكونوا طهاة. لماذا لا يكتفى البعض بدور المتذوق المستمتع؟ لماذا يجب أن يدخل الجميع المطبخ وتدمع عيونهم من البصل، ولماذا يسيل عرقهم من حرارة الفرن، وتدمى المديّ أناملهم؟ ظننت فى لحظة أن بوسعى أن أطبخ ..ثم فطنت إلى أن هناك من يطهون أحسن منى ألف مرة".
تدريس الأدب الإنجليزى
تلك الرغبة الوحيدة التى قال الدكتور أحمد خالد توفيق فى إحدى مقابلاته الصحفية إنه يندم على عدم تحقيقها، وقال "كنت أريد أن أكون أستاذا للأدب الإنجليزى، لماذا؟ لا أعرف حتى الآن، وتلك الرغبة ما زالت فى أعماقى دون أن أعرف مبرراً لها".
ولكن ربما يفسر هذه الرغبة ما كتبه فى مقال "ماحدش يعلمنى غلط": "فى طفولتى كنت أريد أن أكون ضابطًا ثم كبرت فتمنيت أن أكون طبيبًا وكبرت أكثر فتمنيت أن أكون مفتشًا فى الرقابة الإدارية (وهذه ليست دعابة) ! احتجت إلى أربعين عامًا كى أفهم أن مهنة المدرس هى أهم مهنة فى الكون، وأن المدرس هو من يصنع الضابط والطبيب ومفتش الرقابة الإدارية".