كشفت دراسة صدرت مؤخرا أهمية الرابطة الاجتماعية لدى الفيلة، التى تفوق أهميتها مدى توافر مساحات مراعى كبيرة مخصصة لها فى حدائق الحيوان بقارة أمريكا الشمالية.
وأجرت مجلة "ناشيونال جيوجرافيك" حوارا حول هذه الدراسة مع الدكتورة كيتلين أوكونيل خبيرة السلوك الاجتماعى للحيوان، والتى أكدت خلاله أن الفيلة تعد من الحيوانات الاجتماعية التى يشكل الجانب النفسى بين جماعاتها أهمية بالغة قد تتفوق على الجوانب المادية، حيث تطورت الفيلة باعتبارها سلالة مهاجرة، لذلك من المنطقى أن يؤدى الاختلاف فى النظام الغذائى إلى تحقيق تأثير إيجابى على صحة الفيلة ورفاهيتها.
وأوضحت أوكونيل، التى تعد واحدة من أهم خبراء السلوك الاجتماعى فى الحياة البرية ولها العديد من المؤلفات العلمية فيما يتعلق بحياة الفيلة، أن نتائج الدراسة تعد بمثابة رسالة لمديرى حدائق الحيوان بضرورة البحث دائما عن طرق لتحسين ظروف الاحتجاز، والعمل على توسيع المرعى، حيث تعانى الكثير من حدائق الحيوان من ضيق أماكن انطلاق الفيلة.
وقالت "أعتقد من خلال تجربتى لعدد من الفيلة فى الحياة البرية وفى الأسر، تشكل نوعية الروابط فى البيئة الاجتماعية للفيلة الأسيرة أهمية قصوى بالنسبة لهم، وقد تعد مؤشرا هاما لصحتهم العقلية، وهو شىء لا ينبغى أن يتم أخذه كأمر مسلم به".
وتتناول كيتلين أوكونيل - فى سياق كتابها الجديد المزمع طرحه بالمكتبات الأمريكية قريبا تحت عنوان (جسر إلى الحياة البرية) - حياة الفيلة الإفريقية الثلاثة المتواجدة فى حديقة حيوان "أتلانتا" الأمريكية.
وأضافت "لقد تناولت فى كتابى القادم فى فصل كامل تحت عنوان (دائرة الحب) مقارنة بين الوضع فى حديقة حيوان"أتلانتا" والسلوك الاجتماعى للفيلة فى (مشروع موشارا) بحديقة "أتوشا" فى ناميبيا.. موضحة أن الفيل فى البيئة المفتوحة يفضل البقاء مع العائلة على أن يظل وحيدا كى لا يواجه سوء معاملة من الآخرين".
كما سلطت الأبحاث الضوء على أهمية تعايش الفيلة فى مجموعات بغض النظر عن التجارب الفردية سواء الإيجابية أو الفردية منها التى يواجهها البعض منها داخل المجموعة، وذلك على الرغم من تعرض بعض الفيلة للانهيار والهرب من بيئتهم الاجتماعية الجماعية، ليتجهوا إلى الانفصال، وبمرور الوقت، تبدأ الإناث فى تكوين عائلات مستقلة خاصة بها.
وتؤكد أوكونيل أن هذه الديناميكية تثبت أن المساحة ليست مهمة للبقاء فى مجتمع معيشى محدد، فى حين أن حلول الهروب البطىء غير ممكنة الحدوث فى بيئة مغلقة، ولذلك يجب على إدارة حدائق الحيوان التى تحتجز فيلة التوصل إلى حلول جديدة مبتكرة مثل تلك الحلول التى توصلت إليها حديقة حيوان أتلانتا.. مشيرة إلى تطور حياة الفيلة لتصبح حيوانات اجتماعية، تماما مثل البشر وهو ما يعنى أن العزلة ليست أمرا صحيا لأى من الفيلة أو البشر، فكما نعتبر الحبس الانفرادى عقابا للبشر، علينا أيضا التفكير بهذه الطريقة عن الفيلة.
يذكر أن الدكتورة كيتلين أوكونيل تعمل كأستاذ مساعد فى كلية الطب جامعة ستانفورد، ومؤلفة الكتاب المشهود له دوليا "الحاسة السرية للفيلة"، ورشحت روايتها "أشباح العاج" للجائزة الدولية لأفضل كاتب لقصص الإثارة، كما سيصدر فى العام المقبل الجزء الثانى من نفس الرواية، بعنوان "الذهب الأبيض".