على عكس ما يعتقد الكثيرون أن الاهتمام بالفلك وعلومه مثل الأبراج والكواكب من الأشياء المستحدثة، التى لاقت اهتمام كبير من الشباب والفتيات بعد انتشار السوشيال ميديا، فقد كان علم الفلك من أهم العلوم التى نبغ فيها علماء المسلمين منذ القرون القديمة، وقدموا فيها عدد من الإسهامات و التطورات التى جعلت من هذه العلوم طاقة كبيرة أخذتها الدول الغربية عن الفرس والمسلمين.
ولعل عالم الفلك الكبير عبد الرحمن ابن عمر الصوفى أحد أبرز علماء جيله فى علوم الفلك والكواكب، و يعود إلى القرن العاشر ميلادياً إذ ولد فى مدينة الرى فى بلاد فارس 9 محرم 291 هـ 7 ديسمبر 903 م)، ذاع صيته بين فلكى المسلمين وكان على اتصال دائم بكبار الدولة وحكامها، إذ كان على صلة وطيدة وقريبة لـ حاكم الدولة البويهية فى ذلك الوقت أو كما يسمى بـ "عضد الدولة" الذى نصبه فلكياً رسمياً ومعلماً لباقى الفلكيين، كانت أولى إنجازاته فى مجال الفلك تأكيده على أن الأرض "كروية الشكل"، وأمر عضد الدولة البويهية ببناء مرصد خاص للصوفى فى مدينة شيراز يعرض فيه إنجازاته الفلكية.
واليوم يحتفل الفلكيون بذكرى ميلاد عبد الرحمن الصوفى الذى قدم عدد من الإسهامات فى مجال الفلك، من أبرزها رسم خريطة للسماء حسب فيها مواضع النجوم وأحجامها ودرجة لمعان كل منها، وضع فهرساً للنجوم لتصحيح أخطاء من سبقوه، كما شهد له الغربيون بدقة ملاحظاته وتصحيح أخطاء كثيرة قدمها سابقوه، كما كان الصوفى أول من قدم وحدة قياس لـ "السطوع" وجاءت بناءً على رصد وملاحظة تغير ألوان الكواكب وأقدارها، فضلاً عن تقديمه أول رسم صحيح وواضح لحركة الكواكب، واستطاع الصوفى أن يكتشف مجرات جديدة مثل مجرة "أندروميدا"، كما تفوق عن بطليموس الذى يعتبر من أهم علماء الفلك وكشف الصوفى عن عدد من الأخطاء التى وقع فيها بطليموس، وبإسهاماته رسخ قواعد جديدة فى علم الفلك أصبحت الآن مراجع معلوماتية لجميع علماء الفلك.
لم ينتهِ تاريخ هذا العالم الجليل دون أن يترك للأجيال التى لحقته عدد من المؤلفات التى تعد ثروات وكنوز فى مجال الفلك، ومن أبرز مؤلفاته "كتاب الأرجوزة في الكواكب الثابتة"، "صور الكواكب الثمانية والأربعين"، و كتاب "تطارح الشعاعات"، بالإضافة إلى عدد من المؤلفات الآخرى مازالت موجودة بكبرى مكتبات ومراصد العالم مثل مدريد بإسبانيا، و باريس، وأكسفورد، وتوفى عبد الرحمن الصوفى فى 8 محرم 376 هـ،الموافق 25 مايو 986 م، عن عمر ناهز الـ 82 عاماً.