على الرغم من الدور القوى الذى لعبه موقع "فيسبوك" فى الحشد للثورة، والدور الآخر الذى لعبه موقع "تويتر" فى تسهيل متابعة الأحداث لحظة بلحظة وسهولة استخدامه التى جعلته بمثابة همزة وصل بين الميدان واحتياجاته وتطوراته وبين المصريين فى البيوت وفى جميع أنحاء المحروسة، إلا أن الدور الذى لعبته المدونات خلال الثورة لا يقل أهمية أبدًا، والتى تميزت بأنها على عكس الموقعين المتدفقين بالأحداث، لا تزال حتى الآن محتفظة بكل تفاصيل ما حدث وكأن 5 سنوات لم تمر.
المدونات التى لعبت دور المتحدث غير الرسمى باسم ثورة يناير، وجعلت من كل مدون مراسل صحفى من قلب الميدان لا تزال حتى الآن نابضة بحكايات الثورة وشاهدة على الأحداث لحظة بلحظة، وجولة واحدة بين صفحاتها الآن يمكنها أن تنقلك 5 سنوات إلى الوراء، وتنقلك إلى كل أحداث الثورة تمامًا كأنها حدثت للتو.
بأسماء مستعارة وأحيانًا حقيقية سجل الثوار الأحداث كما رأوها أولاً بأول خوفًا من تقتنصهم رصاصة قبل أن يفرغوا ما فى جعبتهم من حكايات وشهادات عن الحدث الأعظم فى تاريخ مصر.
وتنوعت التدوينات بين الاستغاثات من قلب الميدان وتفاصيل عن الوضع فى الميدان، وكيفية مساعدة المرابطين فى قلب التحرير ودعمهم، وبين تجربتهم وتفاصيل رحلتهم إلى الميدان من لحظة إقناع الأهل بالذهاب، أو التسلل دون علمهم إلى هناك، حتى الشهادات الشخصية عن الأحداث الجلل التى انقسم حولها الناس ووحدهم فى الميدان كانوا يعرفون حقيقتها مثل معركة الجمل وأحداث مجلس الوزراء، وبينما كان الإعلام الرسمى ينقل صورة "كورنيش النيل" كانوا هم بمثابة عين الشعب على الميدان.
جولة فى المدونات التى لا تزال موجودة حتى الآن ربما تصدمك بأن أصحاب بعضها فقدوا أرواحهم فى الثورة، أو بأن بعضهم لم يعد بإمكانه التدوين مجددًا لأنه فقد عينيه فى أحداث الثورة، أو فى أحسن الأحوال فقد أمله فى أن تتغير الأحوال، ورغم ذلك يظل ما دونوه أشبه بالتوثيق الشعبى لتاريخ الثورة، وتظل مرجعًا مهمًا لمن يريد أن يعرف ما حدث فى ميدان التحرير بعيدًا عن الأخبار الجافة والتواريخ.