عمليات الكر والفر والمواجهة ثم الهروب كلها خطط وألعاب ثورية أجادها الثوار المصريين خلال ثورة 25 يناير دون تدريب أو تمهيد، إنما الظلم الواقع دفعهم لإخراج الثائر المراوغ الذى بداخلهم.
فعلى الرغم من المواجهة التى اتسم بها الثوار إلا أنهم اتبعوا نهج الذكاء والحيل فى بعض الوقت لمواجهة استخدام القوة والعنف المفرط، وابتكرا أماكن وطرق جديدة للاختفاء عن أعين رجال الأمن، وكانت الفهلوة المعتادة بالنسبة للمواطن المصرى هى سبيلهم الوحيد، فانطلقوا نحو المساجد وأسطح العمائر والمقاهى المغلقة والشوارع الجانبية التى يدركون حواريها وأزقتها ويحفظون كل سم بها ليفروا من الظلم باحثين عن الحرية.
عمائر وسط البلد
لعبت عمائر وسط البلد دورا كبيرا فى ثورة 25 يناير خاصة بالنسبة الثوار الفارين من الطلقات النارية والمواجهة غير المتكافئة بين خرطوش ولوحة مكتوب عليها كلمة " حرية" ، ومن هنا اتخذ الثوار أسطح المنازل وبئر السلم كأفضل المواقع يلجئون لها فى حالة الكر والفر، يلتقطون أنفاسهم بها ثم يعودون مرة أخرى للمواجهة، وكانت العمارات القديمة بشوارع الشوربى و 62 يوليو وميدان طلعت حرب وغيرها من الشوارع المحيطة بميدان التحرير هى ملجأهم الوحيد، حتى ادركت قوات الأمن هذه الثغرة وبدأت بإرسال رجالها لاعتلاء أسطح العمائر القريبة من ميدان الحرية.
مساجد الثورة
كانت المساجد أيضا هى منابر للثورة المصرية، وملجأ للثوار الهاربين من الطلقات النارية والفارين إلى رحمة الله التى لم يجدوها على الأرض، وكان مسجد " مصطفى محمود" من أشهر المساجد التى كان يحتمى بها الثوار نظرا لقربها من منطقة وسط البلد، فموقعه بالدقى جعله الموقع الاختيار الأفضل لنقل المصابين بالطلاقات النارية والاختناق وعلاجهم عن طريق الاسعافات الأولية.
الشوارع الجانبية لوسط البلد
كانت الشوارع الجانبية بمنطقة وسط البلد الاختيار الأسهل بالنسبة لعمليات الهروب، لكنها كانت الأسهل أيضا بالنسبة للقوات الأمنية للوصول على المطاردين، فكان شارع الشوربى ومحمد محمود و"سيمون بوليفار" هم الأقرب إلى الثوار وأفراد الأمن فى وقت واحد، لذلك مازالت هناك بقايا حتى الآن من الجدران العازلة التى تحيط بهذه الأماكن والتى كانت بمثابة حوائط عازلة بين الثوار والحرية التى طالما حلموا بها .
البورصة وزهرة البستان
بعيداً عن الجلوس لنيل قسطاً من الراحة وتناول المشروب المفضل، كانت للمقاهى أثناء ثورة 25 يناير وظيفة أخرى، فاستخدمها الثوار للاختفاء وكانوا يجلسون بداخلها ويغلقون أبوابها وكان الصمت يسكنها، وبالفعل كانت من أفضل الطرق التى لجأ لها الثوار للاختفاء، ومن أشهر هذه المقاهى " البورصة" وزهرة البستان" وتحولت فيما بعد إلى أماكن لتجمع المناضلين لذلك عانت من الاضطهاد بعد الثورة .