في الوقت الذى تسببت فيه الرياضة فى الآونة الأخيرة، فى حالة استقطاب جماهيرى بسبب التعصب ، استغل عدد من الأطباء والمدربين الرياضيين، نفس الفكرة فى معالجة نزلاء مستشفى العباسية للأمراض النفسية ، حيث رأوا فيها الحافز الرئيسى للتخلص من المرض.
“احنا بنقدم نشاطات بتعبر عن إننا عاديين جدًا واحنا مش مجانين، بدليل اننا بنلعب كورة وبنمثل وبنعمل مسابقات ثقافية”، بهذه الكلمات أفصح جابر على ، ليسانس حقوق جامعة عين شمس، وحاصل على 3 شهادات للحاسب الآلى من مستشفى العباسية ، ويمكث فى المستشفى منذ 26 عامًا، عما بداخله، معلناً غضبه من نظرة المجتمع من المرضى النفسيين.
وأوضح أنه يمكث فى المستشفى لمدة عامين، ثم يخرج ويعمل فى أكثر من وظيفة منها بالمقاهى والنقاشة، وعندما يشعر بالتعب يعود للمشفى حيث تحتضنه، لافتًا إلى أن هناك جاهل يتهمه بالجنون لأنه لا يستطيع التفريق بين الجنون والمرض النفسى ، وهناك من هو مثقف يستطيع التفريق، مستشهدًا بمقولة “خاطبوا الناس على قدر عقولهم.”
كابتن مجدي حسن، لاعب بنادي الزمالك سابقًا، والمدير الفني لفريق المستشفى لكرة القدم، يكشف لـ "انفراد" تفاصيل النشاط الذي بدأت فكرته منذ عام 2014 بتجميع فرق من مرضى مستشفيات الأمراض النفسية على مستوى الجمهورية ، منها الخانكة وحلوان وأسيوط والمنيا ، وكانت البطولة بنظام المجموعات ، وحققها فريق مستشفى العباسية.
ويأتي الهدف من الدورة هو تعريف الناس خارج أسوار المستشفى أن المريض النفسي مثله مثل أي إنسان ولكن يجب الاهتمام به ، واندماجه فى الرياضة يساعده على سرعة الشفاء، بسبب كسر الروتين اليومي للمريض في الطعام والنوم والعلاج، مما يوفر الحافز لديه لتحمل المسئولية في قيادة الفريق مثلًا، والفوز بالدورات التي يشارك بها.
ولم يقتصر العلاج على الرياضة فقط، بل دخل الجانب الثقافى فى توعية المريض فى مسابقات المعلومات، وتوزيع الصحف على المرضى يوميًا لتشجيعهم على متابعة الأخبار ، ولمساعدتهم وتحفيزيهم على الاندماج فى المجتمع من خلال معرفة أخباره.
وأكد حسن أن المستشفى تعانى من إمكانيات ضعيفة جدًا، موضحًا “محدش بيقف جنبنا ولا بيساعدنا في حاجة ، حتى الكورة أنا اللى مشتريها من جيبى “، مناشدًا المهندس خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة، بمساعدتهم على تطوير ملعب المستشفى وعمل ملعب “ترتان” كملعب خماسى، متابعًا “هينوبه ثواب كبير جدًا، ووزارة الصحة مش سائلة فينا.”
كما أوضح أن أفلام إسماعيل ياسين ومحمود عبد العزيز شوهت صورة المريض النفسى، مطالبًا أسر المرضى بعدم السخرية من مرضاهم، وزيارتهم وعدم مقاطعتهم بسبب مرضهم، كاشفًا أن هناك تحسن كبير في حالات العديد من المرضى، وأن هناك عددًا منهم تم شفائهم وخرجوا من المشفى.
فيما توضح نرمين رمضان، أحد المرضى السابقين، وطالبة بكلية التجارة، والتي قررت أن تعود بعد امتثالها للشفاء إلى المستشفى لمساعدة المرضى، تأثير الأنشطة الرياضية فى تحسين حالتها وتعافيها، حيث دخلت في برنامج علاج لمدة ثلاثة أشهر، “الواحد بيقضى وقته فى حاجات تفيده أحسن ما كان بيقضى وقته فى حاجات تانية الأول.”
“بيحاولوا يحفزونا دايمًا، وبيساعدونا على طرد الأفكار السلبية على طول من خلال الأنشطة الرياضية إننا نبقى متعاونين في البيت، وبيفهمونا إن انتى لوحدك مش سهل تبقى صح على طول لكن مع الفريق العلاجي تقدرى تطورى من نفسك، وتخلينا واثقين فى نفسنا.”
وعن أمنيتها، قالت “نفسي أتجوز ويجيلى فارس الأحلام ، وأرجع الشغل بتاعي وأتقدم فيه ، وبعد ما أخلص الجامعة بتاعتى ، أدخل كلية تربية اجتماعية أفضل معاهم لأنى حبيتهم جدًا ومش عايزة أسيبهم.”