تحتفل منظمة "اليونيسكو" منذ قرابة الـ16 عاماً باليوم العالمى للغة الأم، من أجل الحفاظ على هوية ما يقرب من 7000 لغة أصلية يستخدمها سكان الكرة الأرضية، وفى الوقت الذى نرى فيه العالم أجمع يعتز بلغته الأصلية ويحاول الحفاظ عليها وعلى تراثه اللغوى، فهناك بعض الدول تضع أحكاماً صارمة فنجد مجلس الشعب الفرنسى يضع قرارت ملزمة بإستعمال الفرنسية فى كل المعاملات بل أنهم ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك حيث قاموا بفرض الغرامات على أى كاتب يستخدم لفظاً إنجليزياً وهذا اللفظ له مقابل فى اللغة الفرنسية، أما فى "ألمانيا" لا يسمح بإجراء أى دراسة على أراضيها بلغة غير اللغة الألمانية، حتى فى الأراضى المحتله الفلسطينية داخل الدولة المزعومة "إسرائيل" يأخذ المهاجر إليها بضعة أشهر يتعلم فيهم اللغة العبرية بل أنهم يختاروا له أسم آخر عبرى غير أسمه الأصلى.
أما بالنسبة للغة العربية، فمن الصعب أن تجد مواطن مصرى يجيد نطقها أو كتابتها بالشكل السليم، وحتى على مستوى العامية المصرية، حيث تعرضت للكثير من المراحل التى غيرت نسيجها بشكل أقرب للتشويه، بداية من تحريفها وحتى المصطلحات الدخيلة عليها.
تطور العبارات من "نهارك سعيد" إلى "قشطة يا مان"
فى المقابل نجد أننا فى مجتمعنا العربى والمصرى تحديدا أصبحنا نتفاخر بمن يتحدث أفضل من الآخر بأى لغة أجنبية بل أننا نسخر ممن ينطق اللغة العربية بشكل صحيح، فمثلا اذا ألقينا نظرة عابرة على أسامى المتاجر سنجد أن 90% منها لها أسامى أجنبية أو حتى أسم عربى ولكنه مكتوب باللغة الإنجليزية، فبعد أن كان أجدادنا يستخدمون اللغة العربية فى كل كلامهم حتى فى إلقاء التحية بعبارات مثل "نهارك مساءك سعيد" أو "يومك لطيف" أصبح لدينا الآن العديد من الألفاظ الدخيلة التى غزت مجتمعنا بشكل كبير وفج مع بداية الألفية الجديدة، وربما كانت البوابة لها هى الأفلام الشبابية التى ظهرت فى تلك الفترة حيث كانت البداية مع مصطلحات مثل "قشطة"، "فكك"، "روش طحن" فى أفلام "هنيدى" و"السقا" وايضاً دمج المصطلحات الأجنبية مع العربية مثل "خلاص بيس يا مان " وأصبح من وقتها من يتحدث بتلك الطريقة يعتبر نموذج للشاب المتحضر.
مدارس اللغات وأفلام المناسبات فى الاتجاه لطمس اللغة العربية
ومع مرور الوقت تطورت العوامل التى تؤدى بالتدريج إلى طمس لغتنا العربية فى مصر بشكل كامل فالأمهات الآن يتفاخرن بمن يتحدث فى أطفالهم بلغة أجنبية بشكل أفضل من أصدقائه وتم هجر المدارس العربية والاتجاه إلى مدارس اللغات التى أصبحت تدرس جميع المناهج باللغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات التى يختارها الأهل، فنجد بعض الأطفال المصريين الآن يتحدثون العربية بصعوبة ويعد ذلك مصدر للفخر لدى الأهل، أما الكارثة الحقيقية أصبحت فى الأفلام الشبابية مثل أفلام المناسبات مثل الأعياد والتى تعتمد بشكل كبير على المصطلحات الغريبة للغة، والتى تبث العديد من المصطلحات الغريبة على لغتنا العربية ومجتمعنا المصرى والتى سرعان ما تحولت إلى "موضة" يتحدث بها الكبير والصغير، فجميع الأفلام الآن أصبحت أحداثها تدور فى المناطق الشعبية وكأن ثقافة المجتمع تحولت بالكامل إلى هذا الاتجاه دون غيره وكأننا اصبحنا فى مصر نعيش فى "حارة" شعبية كبيرة تمتلأ بأغانى "المهرجانات".