يعتبر النشاط الكشفى من أقدم الأنشطة التى تساعد على العمل التطوعى، وقد أسس هذا النشاط الضابط الإنجليزى "روبن باول" فى انجلترا عام 1907، واعتمد هذا النشاط على تنمية قدرات الاعتماد على النفس، والتشجيع على العمل التطوعى الذى لا يميز بين الجنس أو اللون أو الدين، وبدأ هذا النشاط فى الانتشار بشكل سريع.
وتعتبر المهام التى يقوم بها أعضاء فرق الكشافة، مهام صعبة تشبه فى طبيعتها المهام العسكرية من حيث سرعة أخذ القرار الصواب، والقدرة على التصرف فى أصعب المواقف، والاقتصاد فى الموارد والقدرة على القيادة، وتطبيق قرارات الثواب والعقاب، ربما تكون هذه المهام بسيطة، ويمكن للأولاد تنفيذها بسهولة، لكن بالنسبة للفتيات بالتأكيد سيكون الوضع مختلف.
وتقول "نورهان خلف" أحد عضوات فريق الجوالة بجامعة قناة السويس، أن الفتيات لا ينقصن شيئاً عن الشباب ويستطعن تنفيذ جميع مهام، وتبدأ الفتيات التعود على الاعتماد على نفسها من بداية دخولها الكشافة وتكون فى فريق الأشبال أو "البراعم" ويبدأ من سن 5 سنوات، ويتم التصعيد حتى تصل إلى مرحلة "الكشافة" ثم "مرشدة" ، مرشدات فى مرحلة "الجوالة"، ويظل لقب "قائدة" حتى مرحلة القيادة، وهى آخر مراحل الكشافة.
وتؤكد نورهان أنها اشتركت فى الكشافة فى سن 10 سنوات كنشاط ترفيهى، ثم تعلقت به كثيراً، وبدأت والدتى أن تتحمس لإبقائى فى هذا النشاط، بعدما أثر عليا بشكل إيجابى فى دراستى، وحصلت على مجموع كبير فى الشهادة الابتدائية، لأن المرشدات دائماً يشجعونا على المذاكرة ويتم عمل حفلات لتكريم المتفوقين، وكنا نسافر إلى معسكرات صيفية فى الفيوم والقاهرة وبورسعيد، وننشئ الخيام الخاصة بنا، ونقوم بعمل رحلات سيراً على الأقدام لمسافات طويلة حتى نتعلم المثابرة والقدرة على تحدى الظروف، وكانت الكشافة سبباً فى التخلص من "الخوف من الكلاب".
وأشارت نورهان إلى أن والدها فى بداية الأمر كان معترضاً على فكرة سفرها المتكرر، لكن بعد حضور إحدى الحفلات لفريقها، و رؤية القيم الأخلاقية التى تعتبر من أساس قواعد الكشافة، التى نلتزم بها، و أضافت تعلمت التصرف فى المواقف الصعبة، مثل إصابات الشد العضلى، "كسر القدم أو اليد" بعض إصابات الظهر، علاج بعض الأمراض مثل الإسهال ونزلات القئ والأنفلونزا، إسعاف الشخص الذى يتعرض للإغماء.
وتابعت حياة فتيات الكشافة تؤهلها أن تكون أم مميزة، تستطيع تحمل مسئوليات بيتها وتعرف كيف تربى أبنائها تربية سليمة، وأضافت المرشدة أو فتاة الكشافة تعرف كيف تحمى نفسها، وكيف تدير الشئون الاقتصادية، وأضافت "معسكراتنا تشبه الدولة، توجد فتاة مسئولة عن المطبخ، و أخرى مسئولة عن الأمن، وفتاة مسئولة عن التنبيه لمواعيد آداء الصلاة".
و أكدت نورهان أن الكشافة تعتبر من الأنشطة التى يمكن تمارسها الفتاه بعد الزواج وأثناء الحمل، وحتى بعد الولادة، لأنها مع الوقت لا تصبح نشاط بقدر ما تصبح أسلوب حياه، فلا يمكن أن تمل الفتاة من حفلات السمر التى نقوم بها، ورقصاتنا و ألعابنا التى تنمى الذكاء، و أعمالنا التطوعية والخيرية، الكشافة تجعلنا شخصيات آخرى مؤثرة فى المجتمع، وفتاة الكشافة لا تشبه أحد، وجميع الفتيات يتمنين أن يكن مثلهن.
وتقول ليلى عمارة 22 سنة، قائدة لإحدى فرق الكشافة وطالبة فى جامعة حلوان، الكشافة ساعدتنى على التخلص من صفات سيئة كانت فى شخصيتى، وبدأت النشاط الكشفى فى عمر 15 سنة بنادى 6 أكتوبر، ورفض وأهلى فى البداية ذهابى إلى المعسكرات، وبعدما أقنعت والدى، وذهبت إلى أول معسكر، وعدت بعدها بشخصية جديدة، وأضافت "كنت انطوائية وخجولة جداً وبخاف اتكلم مع حد، والكشافة أعطتنى ثقة فى نفسى، وعلمتنى تحمل المسئولية، ومن بعدها أصبح أهلى هم من يشجعونى على الأنضمام للمعسكرات، وظلوا بجانبى حتى أصبحت الآن قائدة لفرقة كبيرة".
وأشارت ليلى إلى أن فتيات الكشافة المصريات مميزات فى كل شىء، وسافرن إلى عدة معسكرات للكشافة خارج مصر كان أهمها فى "دبى ، البرازيل"، وأكدت ليلى أن الكشافة هو النشاط الذى يمكن أن تستمر فيه الفتاه بعد زواجها، ومسموح للزوج أن يذهب مع زوجته إلى معسكرات الكشافة للاطمئنان عليها، لكن زوجات القادة الرجال لا يذهبن معهم إلى المعسكرات.
وتابعت فتاة الكشافة تعيش حياتها بشكل منظم، وتقول انا اعمل مدربة جمبارز ومتخصصة علاج طبيعى بجانب دراستى ، وكل ذلك بفضل الكشافة التى علمتنى تنظيم الوقت، كما أن الأشتراك فى الكشافة لم يمنع الارتباط أو الزواج، لكن فتاة الكشافة ترفض دائماً الزواج من قادة الكشافة بسبب تشابه طباعهم، وحرص كل منهم على اتخاذ القرار.
وترى ياسمين على 20 سنة،إحدى عضوات الجوالة بجامعة القاهرة، أن الكشافة هو النشاط الوحيد الذى يزرع قيم مثل تحمل المسئولية والجرأة والقدرة على الدخول فى نقاشات بناءاً على وعى ودراية تامة، و أضافت يمكن لفتاه لم تبلغ 11 سنة، ان تناقش بحث طبى أو ثقافى أو اجتماعى أمام لجنة تحكيم، دون خجل وتتعلم كيفية إدارة الحديث، كما أن الكشافة تساعد على إعداد قائد منذ الصغر، ليكون بعد ذلك قائد فى كل شىء فى حياته، وتشير ياسمين إلى أن أخويها الأكبر منها سنناً هم من شجعوها على الاشتراك فى الكشافة، والانتظام فى المعسكرات، لأنها كانت لا تستطيع أن تنظر لأحد أثنار الحديث معه، ولا تستطيع التحدث مع أى شخص غريب خارج المنزل، حتى أن معظم الناس كانوا يظنون إنها تعانى من "الخرس"، وبعد اشتراكها فى الكشافة تغيرت حياتها للأفضل، و أصبحت من أبرز الشخصيات بين صديقاتها.