كان من الخطأ الجسيم الإعتماد الكلى لصناعة السياحة فى مصر على الروس . حيث تقتضى أبسط قواعد الجيوإقتصادية على عدم إعتماد الإقتصاد الوطنى لأى دولة على مصدر واحد لفرع من فروع الإقتصاد . وذلك لتعرض الإقتصاد لبعض أنواع الضغط و الملاوعة الإقتصادية. وهذا ما حدث بالضبط فى الحالة المصرية-الروسية , بعد سقوط أو إسقاط الطائرة الروسية فى شبه جزيرة سيناء المصرية. حيث قامت روسيا بإملاء شروط مملة لعودة حركة السياحة الروسية فى مصر, برغم موافقة روسيا على عودة السياحة الروسية لتركيا برغم الأوضاع الأمنية الخطيرة فى تركيا, و روسيا و إيطاليا لم يمنعوا سياحتهم فى كل من فرنسا و بلجيكا برغم أيضا عدم إستقرار الأمن . و يمكننا القول بأن لا يوجد مكان آمن فى العالم فى أوقاتنا هذه , ولا ننسى أن فى مطار ديموديدفا فى موسكو كان هناك تفجير إرهابى داخله 2011, هل منعت مصر الطيران لموسكو برغم عدم إستقرار الأمن؟؟ هل ألغت خطوط طيران العالم السفر للولايات المتحدة بعد حادث 11 سبتمبر 2001؟؟
لذلك تستغل بعض الدول حاجتنا إليها لكى تقوم بالضغط على مصر إقتصاديا و من ثم سياسيا , فمن لا يملك عيشه لا يملك قراره. لذلك يجب على الحكومة المصرية أن تقوم بتنويع مصادر دخلها خصوصا فى السياحة . و أهم مصدر سياحى من الممكن أن يكون مفيدا لمصر هم السياح الصينيين.
فنجد أن الصين أصبحت المحرك الرئيسى لصناعة السياحة فى العالم،و ذلك بطبيعة الحال يرجع إلى المستوى الإقتصادى القوى للصين و الطفرة التى حدثت بسبب ارتفاع الدخول الشهرية و المستوى المعيشى للصينيين.
فإرتفع عدد السياح الصينيين المصدرين إلى ٨٥ مليون سنويا فى عام ٢٠١٢ و من المتوقع أن يصل الى حوالي ٢٠٠ مليون سنويا حتى ٢٠٢٠. فطبقا للمجلس العالمي للسياحة والسفر سجل السياح الصينيين رقم قياسى فى ٢٠١٥ حيث قاموا بإنفاق ٢١٥ مليار دولار. و للأسف لم تستفيد مصر من هذا المبلغ .
و اذا نظرنا لحركة السياحة العالمية , نجد ان السياح الصينيين لا يهتمون بزيارة تايلاند او هونج كونج لكنهم يجدون فى غرب أوروبا و استراليا و نيوزيلاندا غايتهم , وهنا يجب العمل على أن تكون مصر وجهة سياحية للصينيين , ونحن نملك كل مقومات العمل السياحى لكن يجب علينا إستخدام هذه المقومات . حيث أن بسبب الاقتصاد المتنامي بشكل مضطرد فى الصين جعلها تأتى فى المرتبة الثالثة فى عدد السياح المصدرين بعد كل من الولايات المتحدة و فرنسا، و فى ٢٠٢٠ ينتظر من الصين انها ستتعدى كل من الولايات المتحدة و فرنسا و ستكون متربعة على عرش السياحة فى العالم من حيث عدد السياح المصدرين. لذلك يجب على الحكومة المصرية أن تولى إهتمامها إلى الصين والعمل على إستقدام حوالى 20 مليون سائح صينى لمصر سنويا , و نستطيع أن نصل لهذا الرقم خصوصا و أن عدد الصينيين يفوق المليار و يتمتعون بمستوى معيشى جيد .و لو حدث ذلك ستكون مصر غير مضطرة لإنتظار السياحة الروسية أو الأوروبية, خصوصا و أن مصر تواجه حرب إقتصادية شرسة من جانب الولايات المتحدة و دول أوروبا.
عمرو الديب
باحث فى العلوم السياسية
جامعة نيجنى نوفجورود الحكومية الروسية