خيرا فعل المهندس شريف إسماعيل ، رئيس مجلس الوزراء بإعادة الجمارك مرة أخرى على الدوجن المجمدة المستوردة من الخارج، وإن كانت آمالنا وطموحاتنا تمنيناها أن تتعدى إعادة فرض الجمارك على الفراخ المستوردة إلى إلغاء استيرادها من الأساس، هذه واحدة ، أمّا الثانية فهى خاصة بالصحافة ورقية ومواقع إخبارية ، والإعلام من فضائيات وإذاعة ودورها جميعا فى التصدى لهذا القرار رقم 3047 لسنة 2016 وهو موضوع الأزمة، والذى كان يحمل فى طياته مخالفة صريحة ويدفع لإثارة الشكوك حوله وتوقيت صدوره، خاصة وأنه لم يتضمن إعفاء كميات الدواجن المستوردة من الخارج فى الفترة التى صدر فيها القرار فقط ، بل تعداها بأثر رجعى ، حيث صدد القرار يوم 22 نوفمبر ، بينا بدأ تطبيقه قبلها بـ12 يوما ولمدة 7 أشهر استيراد بدون جمارك ، من 10 –11 - 2016 وحتى 31 – 5 – 2017 .
وقفت الصحافة والإعلام صفا واحدا ، ضد هذا القرار حتى تراجعت الحكومة عنه ، حماية للصناعة الوطنية فى الإنتاج الداجنى ، وهذه من المرات القليلة جدا التى تتفق فيها الصحافة والإعلام على وجهة نظر واحدة ،تجاه قضية تتبناها الحكومة وضد قرار اتخذه رئيس الوزراء، وإذا كانت الأزمات تمحص وتميز الخبيث من الطيب ــ كما نقول ــ فقد أعادت أزمة قرار الاستيراد بدون جمارك ،الكرة مرة أخرى إلى ملعب وزارة الزراعة والاتحاد العام لمنتجى الدواجن ،كجهات صاحبة الاختصاص وولاية فى اتخاذ أى قرار يتعلق بهذا القطاع وهذه الصناعة الوطنية المستقرة، حيث شكل رئيس الوزراء لجنة برئاسة الدكتور عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى وعضوية وزارات التموين والصناعة واتحاد منتجى الدواجن لمتابعة هذا القرار والالتزام بما تم الاتفاق عليه.
الأزمة لم تعد الكرة لملعب وزارة الزراعة واتحاد منتجى الدواجن كجهات اختصاص فقط، بل تعتبر جرس إنذار لرئيس الوزراء وغيره من المسئولين أن يدرسوا القرارات الهامة والمصيرية قبل إصدارها ، وعليهم أن يستشيروا ويناقشوا ويستمعوا لوجهة نظر أصحاب الاختصاص والصنعة ، ولا نستهين بمغزى المثل القائل ( أعط العيش لخبازينه ولو أكلوا نصفه ) ، من مزايا الأزمة أيضا أنها ستدفعنا دفعا للمطالبة وبجد وإصرار أن يتم توفير الدعم اللازم لزراعة المساحات اللازمة من الذرة الصفراء وفول الصويا وشراؤهما من المزارعين ،لتوفير احتياجات الثروة الداجنة والحيوانية والسمكية من الأعلاف والتغذية، وبدلا من استيراد القطاع الخاص للذرة الصفراء بملايين الدولارات ،يمكن أن يتم توجيه ذلك لحماية الصناعة الوطنية المحلية، كما تلفت الأزمة نظرنا إلى أزمات بدأت تطل برأسها من الآن ،ويمكن أن نقضى عليها فى مهدها بعدم التسرع فى اتخاذ قرار بشأنها ، كما يحدث حاليا فى قوانين الصحافة والإعلام ، وعلينا أن نسأل أهل الذكر إن كُنّا لا نعلم ، بدلا من إقصائهم وعدم سماع وجهة نظرهم ،ثم تقع الأزمة ثم نتناحر وبعدها يتم التراجع فى اتخاذ القرارات.