أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ أيام دعوته لمشاركة القطاع الخاص فى المشروعات التى تقوم بها الدولة كما أعلنت الحكومة المصرية منذ أسابيع عزمها على بيع حصص فى ملكية المرافق العامة بهدف تشجيع القطاع الخاص وبرغم من أن الهدف المعلن من جانب الحكومة غير مقنع لأن الكافة يعلم أن الحكومة تريد تدفقات نقدية تسوي بها عجز الموازنة إلا أن مضمون القرار سليم و يتماشى مع اقتصاديات السوق بشرط أن يتم البيع مع وجود ألية إدارة جديدة للمرافق العامة فى مصر وهى ألية الإستغلال المشترك للمرافق العامة وذلك عن طريق مساهمة القطاع الخاص فى رأس المال والإدارة مع وجود ضوابط تستند إلى أساس ثابت هو التوفيق بين إعتبارات المصلحة العامة للمواطن والدولة من جهة وما تتضمنه تلك المصلحة من مبادئ تحكم سير المرفق العام مثل مبدأ دوام سير المرفق العام ومبدأ المساواة بين المواطنين أمامه ومبدأ قابلة المرفق للتغيير والتعديل طالما هناك مصلحة فى ذلك ومن جهة أخرى تحقيق مصلحة القطاع الخاص فى تحقيق الربح أما إتجاه الحكومة الى البيع والتنازل فقط فلن يكون لها أى مردود إيجابى على المدى الطويل فى ظل أدائها المتواضع وعلى العكس تماما فترك الإدارة للقطاع الخاص سوف يقدم خدمة أفضل للمواطن ومحاولة الإستفادة من العاملين فى المرفق العام بشتى الطرق ومن ضمنها طريق تغيير المجال الوظيفى حسب إحتياج المرفق.
أي حكومة ناجحة تحاول دائما الإبتكار لتنمية مواردها عن طريق التخطيط لزيادة الإنتاج لتحقيق رفاهية المواطن أما تنمية الموارد عن طريق الجباية بجميع أنواعها من فرض ضرائب أو زيادة جمارك على السلع فلا يدل سوى على فشل الحكومة فى إدارة الدولة وعدم كفاءة أعضاءها لتولى مناصبهم.
فإذا نظرنا إلى خطط الإصلاح الإقتصادى للدولة التى نمت إقتصاديا وحققت معدلات نمو عالية نجد أنها إعتمدت على سياسات إقتصادية تقوم أساسا على زيادة الإستثمارات المحلية والأجنبية وتفعيل دور القطاع الخاص ليكون هو أساس التنمية الإقتصادية لخلق فرص عمل للقضاء على البطالة وزيادة الانتاج.
ولن يتم ذلك بدون تقديم ضمانات فعالة للقطاع الخاص أهمها خلق بيئة للأعمال تعتمد على سياسات الحوكمة بمفهوها الإقتصادى والسياسى وما ينتج عن تطبيقها من تشريعات تعتمد على محاربة الفساد والشفافية والإفصاح وإستقلال تام للأجهزة الرقابية وعدم تبعيتها لأي سلطة فى الدولة وفصل سلطة الإتهام عن سلطة التحقيق وتضييق قدرة السلطات سالفة الذكر على الحبس الإحتياطى فى أضيق الحدود وبنصوص واضحة ومحددة على سبيل الحصر لا تجعل حرية المستثمر رهن تقدير أي سلطة سوى سلطة القانون ودعم وجود معارضة سياسية محترمة تنير الطريق للسلطة التى تحكم وتوجهها إلى الطريق القويم فى حالة إعوجاجها.
وما سبق ذكره يتيح لأجهزة الدولة أن تمارس سلطتها الرقابية على إدارة القطاع الخاص بالمعايير السابق ذكرها وما يستتبعه من التخطيط لتهيئة المناخ لإقتصاد قوى وحر مع مراعاة البعد الإجتماعى فى أن يكون الهدف الأسمى هو صالح المواطن ورفع قدراته الإقتصادية على المعيشة فى المقام الأول.
وبالطبع لا يسرى ماسبق على المرافق التى تتنافى بطبيعتها مع فكرة إدارة القطاع الخاص لها حيث تمارس فيها الدولة فكرة السيادة بشكل ظاهر وهذه المرافق هى الدفاع والأمن والقضاء والأجهزة الرقابية بشكل عام.