ليست مصادفة.. ظهور أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، فى بيان تمثيلى تزامنًا مع حملة الجيش لتطهير سيناء. الظواهرى المنسى فى جبال باكستان والذى اختفى طوال 7 سنوات، باستثناء تسجيلات استعراضية، تم استدعاؤه ليلقى بيانًا هزيلًا، يطالب فيه الإرهابيين فى العالم للتوحد فى مواجهة الجيش المصرى. ربما يراهن على فرصة للعودة إلى الأضواء، بعد هزائم داعش فى سوريا،بعد سنوات فقد فيها تنظيم القاعدة بريقه، وتلتقى رغبة الظواهرى مع ممولى الإرهاب ضمن تنظيمات أصبحت تحت الطلب، بحثًا عن صفقة جديدة.
الظواهرى سبق له وكفر داعش واعتبرهم خوارج وأصحاب دين مزيف، يطالب بنسيان الصراعات والماضى. والمثير للضحك أن أيمن يتحدث عن ثورة 25 يناير باعتبارها من إنجازاته الإرهابية، ويدعو زملاءه الإرهابيين للتجمع وحمل السلاح، وممارسة الدعاية الفضائية والإنترنتية، مع منصات الدعاية القطرية والتركية. ولم يكتف الإرهابى المتقاعد ببحار الدم التى أنتجها زملاؤه الإرهابيون الذين حولوا الربيع العربى إلى شتاء دموى.
يبدو أن ممولى داعش استدعوا الظواهرى الذى يعانى بطالة ونقص تمويل منذ مقتل زعيمه أسامة بن لادن، ووجدها فرصة للخروج من النسيان، ولعب دور تمثيلى لمساندة الدواعش فى محنتهم. وفى كل مرة يلقى أيمن بيانًا مسجلًا بالصوت يقدم فيه فقرة تمثيلة يلعب فيها دور الإرهابى الحريص على زملائه الإرهابيين واستعادة الإرهاب المعولم. ومن قبل بشر بانتصار القاعدة فى العراق والشام، ودعا لإقامة دولة الخلافة، لكن داعش والبغدادى سرقا منه الدولة المزعومة وأعلنوا خلافة الرايات السوداء، وهو ما أثار غيرة الظواهرى وأصدر بيانات يتهم داعش بأنه إسلام مزيف، هذا باعتبار أن القاعدة إسلام أصلى يخلو من الألوان الصناعية ومكسبات طعم الإرهاب.
الظواهرى لم ينتبه إلى منظره كإرهابى متقاعد، يقوم بدور تمثيلى لخدمة داعش ومموليه، وربما حصل على وعد بتمويل جديد يمكنه من اجتذاب إرهابيين مرتزقة وإغراءهم برفع رواتبهم، وقد سبق للقاعدة أن اجتذب عشرة إرهابيين دواعش، من المغرب العربى وربما يكون لديه تصور أن الفلول الهاربين بعد هزائم داعش يمكن أن ينضموا للظواهرى ليستعيد هيبة زعامة تنظيم إرهابى راحت عنه الأضواء. وهو بالطبع لايدرك حجم التحولات التى جرت فى المنطقة والعالم، حيث تم توظيف تنظيمات أخرى بعد انتهاء دور القاعدة كتنظيم يمارس الإرهاب بالوكالة.
محاولة إحياء الظواهرى تلتقى مع محاولات إعادة توزيع فلول داعش فى مناطق تواجد القاعدة لضخ الروح فى التنظيمات المفككة. لكنهم لم ينتبهوا إلى أن عملية سيناء 2018 ربما أنهت على البقية من الأمل لتنظيمات الرايات السوداء. لكن دور أيمن الظواهرى يختصر حتى الآن فى تمثيل مشهد الزعيم الإرهابى، وهو يهدد فى تسجيل صوتى أو فيديو ثم يعود للاختباء فى جحره بباكستان. خوفًا من تكرار مصير زعيمه أسامة بن لادن الذى تم قتله بعد انتهاء دوره.
ظهور الظواهرى يعطى دلالات مختلفة، ربما أهمها وجود مرتزقة تم تهريبهم بصفقات عبر تركيا وبمعاونة أجهزة وجهات تستخدم الإرهاب فى الفوضى المستمرة من سنوات، ولاتنفصل عما يجرى فى سيناء وحملات الجيش التى أصابت داعمى الإرهاب بالذعر وأصابت القنوات القطرية والتركية بارتباك أقرب إلى الهيستريا، لدرجة الدفاع المباشر عن الإرهاب، وتحريك الأذرع المختلفة، بما فيها المنظمات الممولة التى لم تعد تخفى انحيازاتها إلى الإرهاب، وتنشر تقارير مختلفة بعضها تزعم استعمال أسلحة محرمة، وربما تصل لإصدار بيانات عن ضرب الإرهابيين بالنووى. ضمن أنشطة منظمات الووتش وأخواتها، فى إصدار بيانات تضامن مع الإرهابيين، بعد كشف لعبة الاختفاء القسرى، بتكرار ظهور عشرات الإرهابيين فى صفوف داعش بالرغم من ورود أسمائهم فى تقارير منظمات حقوق الإرهاب التى فقدت بريقها وسمعتها بعد تكرر بياناتها لصالح إرهابيين. ولم تعد هذه المنظمات تهتم كثيرًا بصورتها السابقة طالما تحصل على التمويل اللازم بسخاء من الممولين الجدد، وهى لعبة ظلت إلى وقت قريب غير ظاهرة، لكنها اليوم أصبحت واضحة المعالم، حيث تلتقى منصات الدعم الإعلامى، مع منظمات الدفاع عن حقوق الإرهابيين، وتجاهل حقوق الشهداء وضحايا الإرهاب فى كل مكان. ولم يحدث أن تورطت هذه المنظمات فى إصدار أى بيانات تهاجم فيها داعش ولو حتى من باب سد الثغرات فى جسد الموضوعية القتيل.
ومن هنا يمكن تفهم التقاء أهداف منصات دعم الإرهاب فى قطر وتركيا وبريطانيا وألمانيا، والتى تتباكى على المدنيين، بينما الظواهرى ينضم لدعاة توحيد الإرهابيين فى العالم. وهو دور يبدو فيه الظواهرى مجرد كومبارس على مسرح الإرهاب الدولى والإقليمى.