كنت محظوظًا للغاية فى بداية حياتى المهنية بأننى تتلمذت على أيدى قائد عظيم، قلما يجود الزمان بمثله، ومن أهم الصفات التى كان يحرص بشدة على تعليمى إياها أنا وزملائى من صغار الضباط، هى صفة «التواضع»، حتى أنه كان يزين مكتبه بلوحة جميلة تحمل بيتًا شعريًا بالغ الدلالة وعظيم الأثر فى الحث على التمتع بهذه الصفة الرائعة، التى تعتبر مفتاحًا سحريًا لقلوب الناس، والذى يقول فيه الشاعر:
وأعز ما يبقى وداد دائم.. إن المناصب لا تدوم طويلا
وهو يتوافق فى المعنى مع قول الله جلّ وعلا فى محكم آياته: «وَلَا تَمْشِ فِى الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا»، صدق الله العظيم.
لذا فنصيحتى الذهبية لكل شبابنا الواعد، ولكل مسؤولينا، ولكل من ينعم الله عليه بمنصب رفيع، أو وفرة فى المال، أو درجة علمية عالية، أو شهرة حياتية، ألا يختال أو يتكبر على الناس أبدًا مهما أعطاه الله من نعمه.
اجعل التواضع ملازمًا لك طوال الوقت، فى كل عمل، وفى كل تصرف، لأن القاعدة الخالدة تخبرنا عبر التاريخ بأنك كلما تواضعت لله فى تعاملك مع الناس، زادك الله حبًا فى قلوبهم، وزادك قدرًا وعلوًا فى الدنيا والآخرة.
اللهم اجعلنا دائمًا من عبادك المتواضعين يا رب العالمين.