الأيام تمر فى هذا العالم العربى ونشهد نتائج لدول فشلت وسُقطت وأنظمة ترنحت وأصبحت أرضها مرتعا للإرهاب والتدخلات وأخرى صمدت بمؤسساتها وتحاول أن تبحث عن الاستقرار والأمان الاقتصادى لشعوبها فقرروا ان يستكملوا التربص لها.. فلا روسيا تعمل لصالحنا ولا أمريكا تحاول أن تساهم فى نهضتنا وهناك الاختلافات فى التوجه بين الدول الأوربية وبالتالى وجب الاعتماد على أنفسنا وتوحيد الرؤية وإعادة التأهيل لقدرتنا وخبرتنا وما نمتلك من الأدوات غاز، ونفط وقوة بشرية ومنافذ بحرية، وأسواق استثمارية ..الخ
فهناك تدخلات خطرة من دول اقليمية مثل ايران التى تُنَفذ أجندة سياسية فكرية فارسية فى لبنان واليمن وسوريا والعراق، وفرت ملاذاً آمناً للقاعدة وأسرة لأسامة بن لادن، وأشعلت حرائق الفتنة وحرضت على الاقتتال الطائفى فى البحرين، وأقامت منصات لإطلاق الصواريخ فى اليمن لاستهداف الأراضى السعودية عن طريق الحوثيين وتثبيت الصواريخ الباليستية للهجوم على السعودية . اذا هناك الخطر الإيرانى الثقيل على المنطقة عموما والخليج خصوصا .
الموقف الدولى ربما تغيّر ضدّ إيران بنسبة كبيرة، وأصبحت دول العالم تدرك المخاطر وأكثر وعيا بالممارسات الخبيثة للنظام الإيرانى وهناك قرارات تطالب نظام ايران بتغيير سلوكه وسياساته فى المنطقة، لأن هذا النظام الفاشى أصبح يهدد مصالحهم بشكل مباشر ولكن كيف ومتى وما هو الثمن .
التحرك الجدى جاء بعد إعلان طهران عن نيتها فى المرحلة القادمة بتوغل جديد وإصرار مبطن بتهديد مصالح العالم الحيوية كممرات البترول والغاز والملاحة الجوية والبحرية. ربما تحرك العالم بفاعلية فى مؤتمر ميونيخ بعد كشف أجندة طهران ونواياها وحقيقة خطرها على الأمن الإقليمى والدولى فوزير خارجية ألمانيا أكد أن الدول الأوروبية تعمل مع الولايات المتحدة حول سبل وقف تدخلات إيران فى منطقة الشرق الأوسط.
الولايات المتحدة حذرت من تزايد قوة شبكة وكلاء إيران حول العالم، وخاصة بعد أن أصبح قائد قوات القدس التابعة للحرس الثورى الإيراني، قاسم سليماني، يصول ويجول “بكل فجور واضح ” فى المنطقة.
لم يستطع محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى فى هذا الاجتماع، إقناع العالم بأن وجود بلاده فى العراق وسوريا واليمن جاء تلبية لحكوماتها الشرعية. فشل ظريف فى استعراضاته المثيرة للسخرية ومداخلاته الهزيلة فى ميونيخ بتمرير الكذبة الكبرى أن بلاده تتواجد فى تلك الدول لمحاربة تنظيم داعش والتكفيريين . وفشل بتبرير ماذا تفعل ميليشيات قاسم سليمانى بإمكانياتها الكبيرة فى العراق وسوريا واليمن، وقدمت مسودة قرار لمجلس الأمن الدولى تدين إيران لمدها صواريخها الباليستية إلى الحوثيين فى اليمن، وعدم التزامها بقرارات المجتمع الدولى.
الحقيقة أن مفاوضات مجموعة 5 زائد واحد والتوصل إلى الاتفاق النووى فى يوليو 2016 فى فيينا لم تقدم استقرارا، ولكن الاستغلال والتمدد للطموح والأطماع الإيرانية استمرت تحتاج لآلية جديدة للحوار أو أسلوب للتعامل والتحجيم.
ونأتى إلى موقف تركيا التى تصعد فى البحر المتوسط لموضوع الغاز عن طريق الصدام مع اليونان وقبرص، وسجلت مصر الهدف المطلوب وتحولت لمركز اقليمى لصناعة وتكرير وتصدير للغاز فى البحر المتوسط ولن تترك مصر مساحة للسطو الاقتصادى وأثبتت أن هناك استراتيجية شاملة ومتكاملة للتعامل مع هذا الامر حتى لو كان مع اقدم اعداءها فهى تفرض مصالحها وتستخدم السلام فى نهضة اقتصادية لشعبها ولن تترك لتركيا ان تكون مصدر منفعة وتنافس لها .. فخسرت تركيا فى سوريا وأضاعت ثقة الخليج وفتحت حرب مع الأكراد وهدد تواجدها فى الناتو وفقدت ثقة أوروبا فقررت تهدد البحر المتوسط من جديد .
المشكلة تبقى فى شرح هذا العمق السياسى بأسلوب متجدد وما نحتاجه من إعلامنا فى هذه المرحلة
البحث عن سياسية إعلامية تسويقية واضحة البنود تعمل على حشد الرأى العام وتمنع التشكيك بين الشعب والحكومة وتغلق باب التدخلات والشائعات فى مرحلة حرجة ترسم فيها الأوطان وتؤكد هويتها من جديد.