فى مقال بعنوان «قل لى من نجمك أقول لك من أنت»، المنشور فى 25 نوفمبر 2015 قلت، إن الواحد فى أوروبا مثلا لا يحتاج أن يقرأ كتابا عن الموسيقار العالمى موتسارت ليعرفه ويقدره، ولا أن يجهد نفسه لمعرفة تاريخ الفنان التشكيلى العالمى فان جوخ ليعرف مراحله الفنية وتطورها، ولا أن تجهد نفسه فى مطالعة النظريات العلمية، ليتأكد من عبقرية دارون، لأنه حتى يصل إلى عمر الوعى سيكون قد شاهد عشرات المواد الفيلمية عن هؤلاء المبدعين، وسمع ورأى وشعر بما أنتجوه من إبداعات آلاف المرات، ويوما بعد يوم تتوغل هذه الأعمال الإبداعية فى وجدان الشعب وتصبح معادلا للشعب ومكونا للهوية، ووقتها يصبح الإبداع غاية كبرى، والسباق على نيل شرف مبدع على أشده، فتدب فى شرايين المجتمع دماء جديدة قادرة على أن تهبه الحياة.
ومن أجل ما سبق اقترح على وزارة الثقافة أن تتبنى اختيار شخصية تاريخية أو حدث تاريخى كبير كل عام يتم تسليط الضوء عليه بكل وسائل الإعلام الممكنة، فيتم توزيع صور خاصة بموضوع الاحتفال على القادمين من الخارج فى المطارات والمنافذ البرية والبحرية مع معلومات عن الحدث وأسباب الاحتفال بهذه الشخصية، كما يتم عمل أفلام وثائقية عن موضوع الاحتفال وطباعة صورة هذا الموضوع على الكراسات المدرسة والكتب التى تنتجها الوزارة، كما يتم طباعة الكتب الخاصة بموضوع الاحتفال وتوزيعها بأسعار مخفضة فى معارض الكتاب والمكتبات، كما يتم عمل أفلام روائية ومسرحيات مستوحاة من موضوع الاحتفال، لتقدم فى المحافل السياحية والترفيهية الثقافية المختلفة.
مصر تمتلك العديد من مقومات القوة الناعمة، لكننا للأسف لا «نبروز» هذه المقومات، نتركها يتيمة تنهشها الفوضى، ضائعة يفترسها الإهمال، وفى الوقت الذى ينتج العالم كله آلاف الأفلام عن رموزه ومبدعيه، لاتتعدى أفلام السيرة الذاتية فى مصر أصابع اليد الواحدة، ولا نعرف عظماء فكرنا إلا بالصدفة، وهو أمر يدل على مدى العشوائية التى تضرب عصب الأمة، وما هذا الاقتراح إلا محاولة لترميم صورة تراثنا المهمل فى أرفف المكتبات المهجورة.