فى كل يوم تقوم قيامة العالم، أحداث وحروب واتفاقات ونجاحات وإخفاقات، حيث نكون على موعد كل صباح مع الجديد، منه ما نستوعبه ومنه ما لا نقدر عليه، لكن يظل الاقتصاد بنموه أو انتكاسته يثير التفكير ويدعونا للمناقشة والتأمل.
ومن باب التغيرات التى تحدث للعالم سأتحدث اليوم عن تاريخ الأغنام فى أستراليا وهو موضوع قد يراه البعض بعيدا عن الثقافة التى أكتب فيها، لكننى أزعم أن هذا الموضوع فى صميم ثقافة الشعوب، ونتمنى أن نتأثر به.
نقول إنه منذ 218 عاما لم تكن أستراليا تعرف شيئا عن الأغنام ولا تربيتها، حيث دخلت الأغنام لأول مرة فى سنة 1800، وخلال هذه السنوات صارت أستراليا تشتهر باحتلالها المرتبة العالمية الثانية بعد الصين فى تربية الأغنام.
يقول الراصدون والباحثون والمهتمون إنه يوجد فى أستراليا حوالى 230 مليون رأس من الغنم تعيش فى حوالى 120,000 محطة، وتمتلك أستراليا 16% من أغنام العالم، وتنتج تقريبًا ثلثى إنتاج الصوف العالمى، فهى ثالث أكبر مُنتج وثانى أكبر مُصدِّر للصوف، فى الربيع يستخدم فريق العمال مقصات كهربائية من أجل جزّ الصوف الذى يباع، بينما تولد الحملان فى الربيع، تفطم الحملان فى الخريف، ثم تشحن إلى مُسمِّنى الأغنام أو إلى السوق حيث تباع للذبح.
تربية الأغنام فى أستراليا تعد نشاطا رئيسا فى اقتصاد البلاد هناك، حيث إنها تغطى حاجات السكان، وتشكل عددا كبيرا من اليد العالمة المحلية والأجنبية، وتعد مصدرا رئيسا فى صادرات أستراليا.
لا أعرف لماذا ذكرتنى المواشى فى أستراليا بفكرة البصمة الاقتصادية، حيث يصبح للدولة ميزة فى منتج ما، يحمل اسمها ويقدمها للعالم، ويحقق لها النجاح، وبالتالى يذكرنى كل ذلك بالقطن طويل التيلة فى مصر، الذى كان فخر مصر ومصدر إعجاب العالم، لكنه انقرض وتحول إلى مجرد حكايات شاهدناها صغارا لكن أبناءنا لا يعرفون عنها أى شىء.
يمكن القول بأنه ليس لنا بصمة زراعية أو إنتاجية الآن، ولا أعرف السبب فى ذلك، ولماذا لا نفكر مرة أخرى فى زراعة القطن، ما الذى تغير، ومن الذى فعل بنا ذلك.
فى زمن الرومان واحتلالهم لمصر كانوا يطلقون على مصر «مزرعة العالم»، لأنها تطعم الجميع وعلى رأسهم روما، لكننا الآن صرنا مكتفين فقط بلعب «المزرعة السعيدة».