شاهدت، أمس الأول، مسرحية «سلم نفسك» بدعوة كريمة من رئاسة الجمهورية، وفى الحقيقة فإننى برغم اعتيادى على مشاهدة عروض المخرج العبقرى خالد جلال منذ ما يقرب من عشرين عاما، لكن دعوتى لهذا العرض من رئاسة الجمهورية كان لها عظيم الأثر فى نفسى، فما أجمل أن أرى- كمواطن مصرى- الرئيس وهو حريص على أن يشاهد المواطنون مسرحية، وليس هناك من هو أكثر تكريما للفنان من أن يشعر أن فنه يصل إلى رأس الدولة، وأن عمله يحظى برعاية رسمية مدهشة، والجميل هنا أن هذه المسرحية لم يشاهدها الرئيس لأنها تمجده أو تمدحه، لكنها مسرحية عادية، صنعها المخرج دون أن يضع فى اعتباره أن الرئيس سيشاهدها، وهو ما يؤكد أن تكريم طاقم عمل المسرحية بحضور الرئيس وضيفه الأمير محمد بن سلمان، كان تقديرا للفن فحسب، وهو ما جعل المخرج الكبير «خالد جلال» يؤكد أن هذه هى «الزيارة الوسام».
بعد مشاهدة العرض تحمس الرئيس عبدالفتاح السيسى، فأعلن أنه سيخصص قسما للإبداع فى الأكاديمية الوطنية للشباب، وفى الحقيقة لا يسعنى هنا باعتبارى أحد المهتمين بالشأن الثقافى سوى شكر الرئيس على هذا القرار، لكنى فى الآن ذاته أرى أن مصر الآن تحتاج لما هو أكثر من هذا، فحال مسارحنا الآن «تصعب على الكافر» تعانى من فقر فى الإمكانيات، وتعانى من نقص فى الكوادر المدربة، وتعانى من نقص فى الميزانية، وتعانى من تدهور كبير فى مستوى التقنيات التى جعلت مسارح العالم الآن تنافس السينمات فى الإقبال الجماهيرى وتتفوق عليها، فمصر تحتاج بشدة إلى طفرة فنية ومادية وتقنية كبيرة فى هذا المجال.
هنا أرجو من الدكتورة إيناس عبدالدايم أن تستغل هذا الاهتمام الرئاسى بالمسرح، وأن تستثمره فى الحصول على اعتمادات مادية من الحكومة لكى تصنع طفرة تحديثية فى المسرح المصرى، فعيب على مصر التى أدخلت السينما فى ذات الأسبوع الذى أدخلته فيه بريطانيا، أن تتأخر كل هذا فى استقدام تقنية الهولوجرام لمجرد أن جهاز الهولوجرام يتكلف بضعة ملايين، وعيب على مصر صاحبة النهضة المسرحية الأولى فى الوطن العربى ألا تنشئ قاعات مسرحية حديثة لتستوعب كل هذا التقدم التكنولوجى فى العالم.