يحسب للفنان القدير أشرف عبدالباقى، تشكيل جيل جديد من الممثلين الأكفاء فى مصر، السنوات الثلاث الماضية، عبر مشروعه الفنى الشهير «مسرح مصر»، من على خشبة المسرح تخرج عدد محترم من نجوم الكوميديا البريئة التلقائية التى تخرج للوهلة الأولى أمام الجمهور دون سابق إنذار، فتنطلق الضحكات من الجميع.
دون حصر للأسماء، ولكن يكفى التدليل بـ على ربيع ومصطفى خاطر، على نجومية باقى أعضاء فرقة مسرح مصر، وجود شباب مثلهما فى الوسط الفنى ساهم بشكل كبير فى تجديد دماء الفن المصرى وضخ طاقات مهمة بإبداعات مختلفة تضيف إلى الوسط الفنى، خاصة أن ذلك بات واضحا فى أول موسم رمضانى بعد انطلاق مشروع مسرح مصر والذى شهد مشاركة واسعة لنجوم المسرحية فى مسلسلات رمضان وأفلام العيد.
نفس الدور الذى يلعبه أشرف عبدالباقى، يؤديه على أكمل وجه المخرج القدير خالد جلال، عبر سلسلة من الأعمال الفنية طوال السنوات الماضية أبرزها وأحدثها سلم نفسك، والحقيقة كل من شاهد العرض المسرحى بات أسيرا للصورة المسرحية التى أبدع فرقة خالد جلال فى تقديمها.
يوميا بدار الأوبرا تعرض المسرحية، ويوميا يتزايد الإقبال على المسرحية حتى تحولت من عمل فنى موسمى إلى مظهر من مظاهر القوة الناعمة تستغلها الدولة المصرية فى مواقف مختلفة للتدليل على هوية الدولة الثقافية، ولعل حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على مشاهدة العرض مع ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، فى حضور عدد كبير من الشخصيات العامة المصرية والسعودية أكبر دليل.
اللافت من الاهتمام الواسع للعرض المسرحى سلم نفسك، هو التأكيد من جديد على حيوية المجتمع الثقافى المصرى وقدرته على الإنتاج المستمر لأنواع مختلفة من الثقافات المعبرة عن هوية الدولة المصرية التى تفرض نفسها على أى نظام، وأعتقد أنه كما اهتمت الدولة بمسرحية «سلم نفسك» وجب الاهتمام بالأشكال الثقافية الأخرى المهمة.
وانطلاقا من ما يفعله خالد جلال بمركز الإبداع وجب توجيه الشكر للوزيرة إيناس عبدالدايم التى تحافظ على تلك المساحة المهمة من هوية الدولة المصرية، وتتحرك منذ توليها مسؤولية وزارة الثقافة فى الحفاظ عليها وتثبيتها وتنميتها يوما بعد يوم من خلال تجارب فنية مختلفة تفتح الباب أمام طاقات بشرية جديدة، بالتأكيد سيخرج منها مبدعون ينضمون لقافلة المتميزين بالدولة المصرية.
ولكن يبقى دور الإعلام فى نشر هذه الحالة الثقافية، وأظن أن هذه العروض المسرحية تحظى باهتمام فى نطاق القاهرة الكبرى، ولكن لا يسمع عنها أهالينا فى المحافظات المختلفة، لا يعرفون خالد جلال ولا سلم نفسك ولا حتى مركز الإبداع، وهو ما يضع أمام الوزيرة إيناس عبدالدايم مهمة جديدة هى الانتشار بالمحافظات وتوسيع دائرة العرض والبدء فى حملة دعاية جديدة عن أى مشروع يخدم الهوية الثقافية للدولة المصرية، ويمكن الاستفادة هنا من قصور الثقافة بكل أنحاء الجمهورية باعتبارها أماكن تجمع لكل هاوى أو فنان أو أى مواطن يتحرك على أرضية ثقافية، إضافة إلى أن قصور الثقافة نفسها بمثابة قاعدة بيانات رئيسية يمكن الاستناد إليها فى عملية الانتشار وتوسيع دوائر المعرفة.
تحية لأشرف عبدالباقى، ولخالد جلال ولوزيرة الثقافة.