الفارق شاسع، ويصل اتساعه، نفس اتساع المساحة بين السماء والأرض، بين رجال نذروا أنفسهم وأرواحهم دفاعا عن أرضهم وشرفهم ووطنهم، ويشترون الموت مقابل رفع راية بلادهم عالية، ويُكفّنون بعلم مصر، وبين جماعات وحركات يرتمون فى أحضان كل أعداء الأمة، ويبحثون ليل نهار لإسقاط مصر فى وحل الفوضى، سواء كانت جماعات أو روابط الألتراس أو نحانيح ثورة يناير، وحركة 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين.
وواقعة هتافات ألتراس الإهلاوى فى استاد القاهرة ضد الدولة، فى مباراة الأهلى الأخيرة أمام نظيره الجابونى، ثم محاولة إشعال الفتنة، وسقوط ضحايا بين صفوفهم لصنع مظلومية جديدة، على غرار مظلومية استاد بورسعيد وأستاذ الدفاع الجوى، ورابعة العدوية، لإعادة تصدير صورة للخارج أن مصر غير مستقرة، أمر لا يمكن غض الطرف عنه، ولابد من الوقوف أمامه طويلا، لأن الحدث كان مرتبا له، ترتيبا جيدا، بحيث يفتعل هؤلاء مشكلة، ويهتفون ضد الدولة، ويتلقف نحانيح يناير، وأعضاء حركة 6 إبريل، وقناة الجزيرة وقنوات الإخوان، أطراف الخيط، لفبركة صورة وهمية، وتصديرها على أن هناك حراكا ضد النظام.
وهنا، لابد أن نضع النقاط فوق الحروف، ونسمى الأمور بأسمائها الحقيقية دون تجميل أو تزييف، ولأن هناك أحكاما قضائية تعتبر جماعة الإخوان إرهابية، والألتراس جماعات محظورة مثلها مثل 6 إبريل، فلماذا لم يتم تفعيل القانون ضد هذه الجماعات والحركات والروابط وإغلاق صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى ومعاقبة كل من يصدر بيانا أو يتحدث باسمها؟!
وتعالوا نعترف بموضوعية شديدة، أن جماعة الإخوان وحركة 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين وروابط الألتراس، أصبحوا شوكة موجعة ومؤلمة، فى ظهر الوطن، وتهدد بإصابته بالشلل من خلال إثارة الفوضى والدعوة للقتل والتخريب والتدمير، وأن خلافاتهم مع الدولة ليس من باب الاختلاف فى الرأى، أو فى النهج، تأسيسا على أرضية المعارضة الوطنية، وإنما هم جماعات وروابط وحركات، لديهم مشروع فوضوى يخدم دول وجهات وكيانات خارجية، لذلك فإن مخاطرهم تهدد بقاء الدولة، وأمنها واستقرارها، فيزعجهم حجم المشروعات والإنجازات، ويهللون طربا بكل الأزمات.
لذلك، فإن الحوار واستعطاف هذه الجماعات والحركات والروابط، يعد ضربا من الجنون، ولن ترضى عن النظام الحالى أو أى نظام لا يخرج من عباءتها الفكرية، حتى وأن وضع مصر فى مصاف الدول العظمى، سواء أمريكا وروسيا والصين أو ألمانيا واليابان، لأن مشروعهم، أستاذية العالم، أى حكم العالم، وهو جوهر عقيدتهم، وأن المشروع لن يرى النور، إلا من خلال حكم مصر، وتصبح القاهرة عاصمة، لكيان وهمى، لا يعترف بحدود ولا برايات ولا بانتماء، فيه الإخوانى الباكستانى أهم من المسلم المصرى من غير أعضاء الجماعة.
وهناك أطراف خارجية، لديها مشروعها المشابه أيضا، وتضع يدها فى يد جماعة الإخوان الإرهابية، وذيولها الألتراس، و6 إبريل والاشتراكيين الثوريين، وأول هذه الأطراف، حزب العدالة والتنمية التركى، الذى يأتى على رأسه، مهبول إسطنبول، رجب طيب أردوغان، ومشروعه إحياء الخلافة الإسلامية، وإعادة مجد أجداده السلاطين، وكانت القاهرة ولاية من ضمن الولايات العثمانية، ولذلك رأيناه يسعى بقوة لدعم جماعة الإخوان، ويوجد فى الخليج عبر بوابة قطر، وفى القرن الأفريقى، عبر بوابتى الصومال والسودان.
أيضا، قطر لها مشروعها، ورغم أنها دويلة، شبيهة بالزائدة الدودية، فى الجسد العربى، فإن طموحها السياسى والتوسعى ضخم، وكان يحلم نظام الحمدين أن يكون خليفة المسلمين، والمشروع كان واضح المعالم، من خلال دعم الإخوان للوصول لسدة الحكم، فى كل من مصر وليبيا والسودان وتونس، ثم تنصيب حمد بن خليفة أميرا للمؤمنين لهذا الحلف، وعند استتباب الحكم يبدأ التوسع نحو الخليج، لضم المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية، والكويت والبحرين، لهذا الحلف الإخوانى، وينطلق المشروع نحو العالمية.
البعض يتخيل وهو يقرأ هذا الكلام أنه أضغاث أحلام، واعتباره أفكارا عبثية ربما يكون لخيال الكاتب دور بارز فى تدشينها، لكن للأسف الشديد، هذه مشروعات فكرية حقيقية، وتؤمن بها جماعة الإخوان، وأردوغان، ونظام الحمدين إيمانا مطلقا، وليس لديهم استعداد للتخلى عنه، مهما أنكروا فى تصريحات علنية، أو أظهروا عكس ذلك من خلال جلوسهم على مقاعد الكونجرس الأمريكى، وفى البيت الأبيض، أو بين أعضاء مجلس العموم البريطانى، لتأليبهم ضد مصر، والظهور فى عباءة المعارضة الوطنية المضطهدة من النظام الحالى.
وهنا لابد لنا أيضا أن نطرح السؤال الجوهرى، للألتراس و6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين، وكل نحانيح 25 يناير، والنشطاء المتدثرين بثياب الثورية: هل الثورية أن تعمل وتسير عكس اتجاه مصلحة بلادكم؟ وهل التخريب والتدمير والحرق والقتل وإثارة الفوضى عملا وطنيا يدفع البلاد لمصاف الدول المتقدمة؟ وهل يحدث ذلك فى أى دولة من الدول المحترمة، سواء كانت من الدول المتقدمة أو التى تصنف على أنها دول العالم الثالث؟ وهل من الحرية والديمقراطية، ألا تخضع لقانون بلادك..؟!
من أبرز معالم الحرية والديمقراطية، فى أعتى الدول الديمقراطية، هو سيادة القانون، وتطبيقه دون تفرقة على الوزير قبل الخفير، وأن يكون أعمى أمام الألوان السياسية المختلفة، فيطبق على المؤيد قبل المعارض، ولا يعترف بمصطلحات، الثورى النقى والطاهر، وإنما يعترف فقط بالعدالة فى التطبيق.
إذن الحل السحرى للقضاء على فوضى الجماعات الإرهابية والحركات الفوضوية، وروابط الألتراس والوايت نايتس، هو القانون، وتطبيقه بصرامة شديدة، وتنحية المشاعر جانبا، ولا يمكن للدولة أن تخضع لابتزاز المشاعر، وأن هؤلاء شباب صغير السن، ويحتاجون للاحتواء، لأن الحوار والنقاش، يكون مع معارضة وطنية تأسيسا على الأفكار والنهج، لا مع مجرمين يخرقون القانون ويحرقون ويقتلون ويسعون للفوضى، والعيش طوال الوقت فى أجواء «جمعة الغضب 28 يناير 2011» وهو اليوم الذى عاش فيه شعب مصر حالة من الخوف والرعب، لم يشهد تاريخ البلاد الطويل مثيلا له..!!
ولابد أن يعى كل مصرى أن نفوذه ووضعه الاجتماعى، واستقراره الأسرى، من قوة وطنه واستقراره وأمنه، ماذا وإلا لو سقط الوطن، لن يكون شيئا، وسينتهى «موكب الهيلامانات» التى يعيش فى عباءتها...!!
ولَك الله ثم جيش قوى وجسور يا مصر...!!