«الخطيب شاعر يكتب بقدميه وينظم بهما مع الكرة أحلى الأبيات وأمتع الأداء».. كلمات لخص فيها الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودى كل الكلام الذى من الممكن أن يقال فى مهمة كروية فذة بحجم محمود الخطيب «بيبو»، نجم الأهلى الأسبق، الذى يشغل منصب رئيس القلعة الحمراء حاليًا، فهو يستحق كل الألقاب التى أطلقت عليه مثل «الأسطورة» و«الكوبرا» وغيرهما.
«الخطيب» واجه العديد من التحديات خلال مشواره من أجل تحقيق حلمه، فطريق الوصول للشهرة لم يكن مفروشًا بالورود مثلما يعتقد البعض.. فقد مرت عليه لحظات صعبة، وأحاسيس مختلفة، لحظات عاش فيها الحزن ولحظات عاش الفرح، انتقادات كثيرة لم يسلم منها كانت كفيلة بأن تحبط عزيمته، لكن عشقه للكرة وحب الجماهير له جعله لا يهتم بما يقال، وذكاؤه المعهود عنه أدى لتحقيق إنجازاته وطموحاته.
المقدمة السابقة ليس الهدف منها التعريف بـ«الخطيب».. فهو غنى عن التعريف، وإنما مقصد الحديث هنا، التأكيد أنه مثلما كان ينزع الآهات والهتافات من الجماهير مع كل هدف أو مباراة صال وجال فيها حينما كان لاعبًا، فإنه يعيد التاريخ نفسه، ولكن هذه المرة كرئيس للأهلى.
هل ينجح الخطيب إداريًا مثلما كان لاعبًا فذًا؟.. هذا التساؤل تردد كثيرًا حينما كان يخوض «بيبو» المعترك الانتخابى على رئاسة الأهلى وحتى بعد نجاحه، ظل التشكيك مستمرًا والتساؤل يتردد مرة أخرى.
من وجهة نظرى أن الإجابة عن هذا السؤال، تتجسد من خلال مشهد قيام مجموعة من جماهير ألتراس أهلاوى بأعمال شغب والهجوم ضد مؤسسات الدولة أثناء مباراة الأهلى ومونانا الجابونى فى دورى أبطال أفريقيا، فضلًا عن مهاجمة الثنائى أحمد فتحى وعبدالله السعيد لعدم حسم تجديد عقدهما حتى الآن.
ذكاء الخطيب وخبرته الإدارية ظهرت فورًا بعد نهاية المباراة، حينما أصدر بيانًا باسم النادى يؤكد فيه اعتزازه بجمهوره العريض، إلا أنه رفض محاولات البعض إثارة الفتنة والتطاول على مؤسسات الدولة، وناشد الجماهير على مختلف ميولها بالتمسك بالقيم والأخلاق والمعنى السامى لمفهوم الروح الرياضية، كما ثمن دور كل أجهزة الدولة ليس فقط فى حفظ الأمن للمواطن، ولكن أيضا فى مواجهة الإرهاب الأسود وتضحياتهم البطولية من أجل الحفاظ على مقدرات الوطن.
الخطيب لم يتوقف عند حد الاكتفاء بالبيان، بل بدأ فعليًا على أرض الواقع خطوات لمنع تكرار هذا المشهد مجددًا، بعد أن قام بمراجعة كل الإجراءات، التى قامت بها الإدارة التنفيذية فيما يخص تذاكر المباراة وتأكد أن هناك قاعدة بيانات كاملة لجميع الأفراد، الذين حضروا اللقاء وتم رصد بياناتهم، وقامت إدارة النادى بتقديم هذه البيانات للجهات المعنية لمعرفة عناصر الشغب.. هنا أؤكد أن التعاون مع جهات التحقيق دور مهم جدًا من أجل الكشف عن المخطئين ومعاقبتهم وفقًا للقانون، لأننا بصراحة نتمنى اختفاء مثل هذه المشاهد من حياتنا، مع أمل عودة الساحة الكروية لأهل الرياضة فقط وخروج المتلاعبين بأحبال منها، لأن هدفهم هو بث الفتنة لتكرار مذبحة بورسعيد، التى نعانى منها حتى الآن.
يقول الخطيب دائمًا: «لا يمكن أبدًا أن أوفى حق الجمهور.. لأنهم وقفوا بجانبى وشجعونى كثيرًا».. فبكل تأكيد أن حب الجماهير له ليس لموهبته الكروية فقط وإنما لأخلاقه العالية التى يتمتع بها.. وتجلت هذه الأخلاق فى مشهد تعليقه عبر تصريحات صحفية عن الهتافات غير اللائقة التى صدرت ضد أحمد فتحى وعبدالله السعيد، إذ علق قائلًا: «هذا السلوك مرفوض تمامًا ولا يجب الإساءة لهما بأية حال، فقد أعطى الثنائى الأهلى والمنتخب الكثير على مدار سنوات طويلة، وأسعدا الجماهير، ولا يجب أن يتم التعامل معهما بهذه الطريقة، ونحن نتمنى بقاءهما معنا، وإن لم يحدث ذلك سيتم تكريمهما بالشكل اللائق لأن العلاقة بين الأهلى ولاعبيه أكبر من أية تعاقد ينتهى أو يتم تجديده».
«الخطيب» يستحق الإشادة فعلًا على دوره فى التعامل مع الأزمة الأخيرة، وكما كانوا يقولون دومًا عنه، «الكرة بتسمع كلامه فى الملعب»، نظرًا لموهبته الفائقة فى التعامل معها وإحرازه أهدافًا ذات ماركة خاصة مسجلة باسم «بيبو» فقط، نأمل أن يعى المسؤولون عن الكرة فى مصر والجماهير الدرس جيدًا ويقف الجميع ضد كل محاولات الهدم، حتى نستعيد متعة مشاهدة المباريات مثل زمان ونرى علم بلادنا يرفرف عاليًا فى كل المنافسات الرياضية.