كتبت مقالا بعنوان «سفالة وانحطاط شقق الدعارة.. عن أحمد ناجى أتحدث» يوم الثلاثاء 23 فبراير، قلت فيه: «لم أتصور يوما أن تتحول قلة الأدب والسفالة والانحطاط، والوقاحة والتحدث عن الجنس والأعضاء التناسلية، ليست باللغة العلمية، وإنما بلغة أفلام البورنو وشقق الدعارة، ومواقف التوك توك، إلى عمل أدبى تنشره صحيفة قومية، ويصبح فى قائمة الإبداع». كنت قد طرحت سؤالا: «ما هو الإبداع فى أن تصف لى علاقة جنسية فجة ومنحطة، ويتم ترجمته على الورق؟ وعندما يرفض المجتمع ويراها أنها كارثة مدمرة للقيم الأخلاقية وعادات وتقاليد بلادنا، يخرج علينا دوقة الهم والغم والقرف والاشمئزاز من الذين نصبوا أنفسهم قادة الفكر، رافضين وموجهين سهام نقدهم السام لكل من يدافع عن القيم، والأخلاق السامية».
المبدعون الجدد، فى الفن والسياسة والأدب، حملة لواء نشر الانحلال والانحطاط الأخلاقى، وسفالة فن الواقى الذكرى للمتألق أحمد مالك وشادى فاهيتا، وموسوعة الشتائم المقززة للفنانة «خمس» المشهورة التى وصمت بها أفراد كمين شرطة مؤخرا، إلى أدب العلاقات الجنسية وذكر الأعضاء التناسلية بمسمياتها العامية المتداولة فى شقق الدعارة، وكباريهات الدرجة الثالثة، إلى إبداع العهر السياسى، والشذوذ الفكرى. تستطيع أيتها المحترمة ويا أيها المحترم، أن تقولها بصوت صارخ، أو منزعج، ومندهش، إننا نعيش زمن النخاسة بكل تفاصيل الانحلال الأخلاقى، والسير عكس اتجاه القيم والعادات والتقاليد، بل والتكفير «الجنسى».
نعم هناك ثلاثة أنواع لفتاوى التكفير تسيطر على المجتمع الآن، ويقودها الشواذ فكريا، والعاهرون أخلاقيا تحت عنوان عريض «الإبداع» فى الفن والأدب والسياسة، وغيرها من المجالات.
الأولى: فتاوى التكفير الدينى التى قادها جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها من عينة عاصم عبد الماجد ووجدى غنيم وطارق الزمر وغيرهم، وهؤلاء لم يتركو شيئا إلا وكفروا الناس فيها، واقتصرت فتواهم فى النصف الأسفل للرجل والمرأة، وكأن الحياة لا تستحق أن نحياها دون الاهتمام الجوهرى بالنصف الأسفل للرجال والنساء.
الثانية: فتاوى التكفير السياسى التى قادها نحانيح الثورة ونشطاء الغبرة، بتصنيف الناس بين مؤيد ومعارض، وفلول وثورى وعبيد البيادة، ثم احترام الأفكار الشاذة، فوجدنا تدشين رؤية «احترام حقوق الشواذ» ووجدنا نشطاء يقودون هذا الاتجاه بكل قوة.
الثالثة: فتاوى تدعو للانحلال الأخلاقى، والحريّة المطلقة بدون سقف فى الأدب والفن، فنجد شخصا يخرج علينا بتدوين عبارات جنسية، ناقلا ما يحدث فى شقق الدعارة على الورق، مستخدما مفردات فجة ووقحة لا يمكن أن تسمعها فى مشاجرة فى أكثر المناطق العشوائية انهيارا، ومواقف «التوك توك»، ذاكرا أسماء الأعضاء التناسلية، ليست بمصطلحاتها العلمية، ولكن بمصطلحات قذارة غرف النوم، ثم نجد دراويش هذه الوقاحة يخرجون علينا مدافعين، ومهللين ومكبرين، بغلظ عين، واندثار لحمرة الخجل، وتدشين للسفالة والانحطاط والدعوة لنشر الرزيلة.
فنان، آخر الزمان، يخرج علينا بواق ذكرى، يحوّله إلى بالونة، وشاب يتقيأ قذارة وعفونة على الورق، تحت شعار أدب وإبداع، وفنانة «كليشن كان» تستخدم كل الألفاظ الحقيرة فى كمين، دون أى حياء أو خجل، ثم تجد نشطاء ونخبا تساند وتدعم حقوق الشواذ جنسيا، والشواذ فكريا، من مثيرى الفوضى، ومدشنى الكراهية للدولة ومؤسساتها، كل ذلك تحت شعار الحرية. كوارث ترتكب تحت شعار حرية الرأى والتعبير، فوجدنا كما من جرائم «اغتصاب» للقيم والأخلاق ترتكب باسم الحرية، وكما من جرائم الخيانة والمؤامرة والعمل بكل قوة لإسقاط البلاد فى مستنقع الفوضى، ترتكب باسم الحرية، وأصبح هناك اختلاط فج وسمج فى أنساب مفاهيم «الحرية» والاستدلال الفاسد بكتب من التراث.
لا أتصور مطلقا، أن هناك إنسانا يدافع عما يعف اللسان عن ذكره، ويتعارض مع الأخلاق، والحياء، والصفات العشر لمكارم الأخلاق: صدق اللسان، وصدق البأس، وإعطاء السائل، وحسن الخلق، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والترحم على الجار، ومعرفة الحق للصاحب، وقرى الضيف، ورأسها الحياء.
نعم رأس مكارم الأخلاق العشرة، الحياء، وإذا اندثر الحياء، عمت الفاحشة والرذيلة، والسفالة والانحطاط، وأن الذين نصبوا أنفسهم دعاة الحرية، والمدافعين عن الرواية السافلة والحقيرة لأحمد ناجى، يدشنون للفوضى الأخلاقية، وهدم القيم السامية، ومحو «الحياء» من قواميس اللغة، وأى حضارة، قوامها الأخلاق والحياء.