فى منتصف القرن التاسع عشر استخدم الألمانى فيلهم مار، لأول مرة مصطلح "معاداة السامية" لوصف موجة العداء لليهود فى أوروبا الوسطى، وتلقف اليهود والصهاينة هذا المصطلح خاصة أنهم فى كل عهودهم يؤمنون بالتربص ويعتبرونه طريقة حياة ويعيشون على عوائده.
وبالطبع منذ احتل الصهاينة فلسطين لا يمر يوم تقريبا إلا ونجد التهمة تطارد أحد المشهورين سياسيا أو مفكرا سواء أكان أوروبيا أو حتى عربيا، مع العلم بأن العرب ساميين أيضا، ولا يجوز اتهامهم بهذه التهمة الغريبة، لكن إسرائيل تصنف المجتمع الدولى صنفين، الأول وهو محبو " السامية " وهم من لا يهاجمون أو يعادون اليهود مهما كانت ممارساتهم وحشية وهمجية، بينما لو تعرض أحد للممارسات الهمجية التى يمارسونها ضد الفلسطينيين يصبح هو الصنف الثانى ويطلق عليه "المعادى للسامية" .
وفى التاريخ تعرض الكثير من الشعراء والأدباء والفنانين العرب والعالميين لهذه التهمة، ومؤخرا قامت مجموعة تدعى "مناهضة العنصرية" بالهجوم على عدد من تجار الكتب فى بريطانيا، بأنهم لا يتورعون عن نشر كتب تحمل أفكارا متطرفة وعداء للسامية وتقدم أفكارا للنازية الجديدة، وذلك من خلال عرضها للبيع على مواقعها الإلكترونية، على حد زعمها، وقامت المجموعة بنشر تحقيق فى المملكة المتحدة حول عدد من الأعمال اليمينية المتطرفة المتاحة للشراء على مواقع Waterstones و Foyles وWH Smith و Amazon، مما استدعى إزالة عدد كبير من الكتب .
بالطبع هذا العمل لم يكن الأول، فمنذ فترة قصيرة أعلنت دار نشر جاليمار الفرنسية الشهيرة عن خطتها لنشر ثلاث كراسات لـ فرديناند سيلين، المعروف بمعاداته لليهود والذى وقف مع النازيين ودعا إلى تطهير فرنسا من اليهود، هذه الكراسات كتبها سيلين فى ثلاثينات القرن العشرين، وكان المقرر لها أن تنشر فى مايو المقبل، لكن اليهود فى فرنسا لم يتقبلوا هذا الأمر وطالبوا بمنع نشرها، مما استدعى تدخل رئيس الوزراء إدوارد فيليب لصالح النشر مطالبا أن ترفق الكراسات بتعليقات .
لكن اليهود لم يصمتوا ولم يتقبلوا هذا الحل وطالب الناشط المدافع عن عائلات اليهود الفرنسيين الذين أُبعدوا خلال الحرب العالمية الثانية سيرج كلارسفيلد، دار جاليمار بالامتناع عن نشر الكراسات، وكانت النتيجة "تعليق النشر" تحت ادعاء "الظروف ليست مناسبة لنشر تلك النصوص".
لذا يمكن القول إن "معادة السامية" هى تهمة سيئة السمعة تطارد الفكر وعلينا الوقوف فى وجهها بكل حزم.